عندما يتحدث إمام وخطيب جامع الملك سلمان بالمعذر، أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود، وكيل الجامعة سابقاً، أ. د. عبدالله بن عبدالرحمن الشثري، فإن الحديث سيكون مختلفاً كلياً، لأنه سيتطرق إلى جوانب من شخصية سمو الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الفذة، التي وهبها الله إياه وأنعم ومَنَّ بها عليه، وسيجعل الله من آثارها خيراً ممدوداً على المجتمع السعودي والعربي بإذن الله. وكشف الشيخ الشثري ل "الرياض" عن هذه الشخصية التي تعمل بصمت وإنجاز، وفق رسالة ورؤية واضحة مفعمة بالفطنة والذكاء، وتحدث عن كيفية إصرار سموه لتحقيق هدف عال ورسالة سامية، تتولاها شخصيته التي تحمل إرادة قوية وعملاً جاداً وعزيمة صادقة أثمرت جهوداً ومنافع متعدية لوطننا الغالي بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-. وتناول الشيخ الشثري عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين أمره بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيراً للدفاع، الطريقة التي تمت بها المبايعة التاريخية لسموه والمشهد المهيب من الأمراء والعلماء والوجهاء والمواطنين في زمان فاضل ومكان فاضل، مؤكداً الشثري أن ذلك يدل على التلاحم والتآلف والترابط بين الحاكم والمحكوم. وقال إن الأسرة الحاكمة صمام الأمان للمملكة -هذا الكيان العظيم- حامية وخادمة الحرمين الشريفين، وبجهود ملوكها وقادتها أصبحت بلادنا مضرب المثل ومحط الأنظار في الاستقرار والأمن، وميداناً للنهضة والتنمية والازدهار. شخصية فذة * د. عبدالله بمناسبة مبايعة سمو الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد نود منكم وأنتم أحد من شارك في تعليم سموه أن تحدثونا عن شخصيته خصوصاً وأنك كنت قريباً منه لسنوات عدة؟ * حقيقة ما رأيته من اجتماع شعبي كبير حظي به سموه في مراسم البيعة، يجعلني أفصح عن كثير من مناقب هذه الشخصية الشابة الفذة التي لها العديد من مزايا التفوق، وسأجملها في العناصر التالية. أولاً: شرفت بلقائي بسمو الأمير محمد بن سلمان حين كان على مقاعد الدراسة وتحصيل العلم حيث تشرفت بتوجيه كريم من لدن الملك سلمان -حفظه الله- إبان عمله أميراً لمنطقة الرياض، بإعداد جلسات علمية بمشاركة بعض الزملاء الأخيار مع سمو الأمير محمد وإخوانه الأمراء الكرام، على أن تتضمن هذه الجلسات العلمية التركيز على مسائل العقيدة والعبادة والأخلاق والتاريخ والتكوين العلمي والثقافي، خارج المناهج الدراسية، وفي هذا دلالة من خادم الحرمين الشريفين على أهمية بناء عقول أبنائه على منهج الإسلام ورسالته السمحة. وخلال هذه الجلسات العلمية كان سمو الأمير محمد يشارك ويناقش ويطرح عدداً من الأسئلة التي تدل على القدرة العقلية والنبوغ الفكري لدى سموه، ولا يكتفي إلا بجواب مدعم بالدليل والحجة والبرهان، الأمر الذي يجعل المتحدث أمامه يكون عميق الطرح واسع الاطلاع فيما يتحدث فيه. كما أن سموه يتمتع بالأدب العالي والخلق الرفيع، فطبعت نفسه على الأخلاق السمحة الكريمة، ووضع الأمور في نصابها، ومن أبرز محامده أن الابتسامة لا تفارق محياه، فهو يحترم من أمامه، ويُنزل كل إنسان منزلته، ويُعطيه حقه من الأدب والاحترام، وإذا جلس معه إنسان وتحدث إليه يشعره أنه أمام شخصية تتحلى بمكارم الأخلاق، من حسن الاستماع، وبشاشة اللقاء، وتبادل الحديث، والنقاش المفيد للوصول إلى الحقيقة بأدب رفيع وخلق كريم، وهذه صفات عالية نابعة من الدين والاستقامة، كما يقول ابن القيم -رحمه الله- (الأخلاق دين ومن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين)، وهذا ما عرفته عن قرب في شخصية الأمير محمد بن سلمان، أضف إلى ذلك حسن الاستماع لمن يتحدث إليه، والإصغاء التام لما يَسمع، والاتزان في معالجة الأمور، واتخاذ القرارات الإيجابية، وهذا ما جعل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يسند إليه تلك المهام الجسام في مسيرة الدولة التي ختمها بولاية العهد. وأضيف إلى شخصية سموه عنصراً مهماً ألا وهو علو الهمة والعمل بجد وحزم لدى سموه. نبوغ مبكر * كيف لحظتم النبوغ المبكر في شخصية سموه؟ * إن البلوغ المبكر لأي فتى يعد منزلة محمودة في السيادة، وعندما يكون وهو في مقتبل عمره فإن هذا ليس بالأمر المتعذر ولا المتعسر، والأمير محمد بن سلمان بنبوغه منذ الصغر قد جعل هذا الأمر واقعاً مشاهداً وطموحاً مطلوباً، وهدفاً منشوداً، حين نال ثقة خادم الحرمين بتوليه تلك المناصب في مسيرة حياته حتى تسلم قيادة ولاية العهد، ومن أدرك السيادة في عنفوان شبابه أحب الناس وأحبوه، وكانت حياته أرفع ذكراً وأطيب ثمراً وأكثر إنتاجاً وهذه الهمة العالية والإرادة الصادقة توافرت في نفس الأمير محمد بن سلمان منذ نعومة أظفاره حيث جعلته يتمتع بكفاءة عالية في القيادة والإرادة والاتزان والأداء المتميز في اتخاذ القرارات الإيجابية في العمل، والطموح في تحقيق الهدف بعزيمة لا تعرف الملل، وإرادة لا تعرف التهاون، الأمر الذي جعل حياته -بعد توفيق الله له- كلها إنتاجاً وعملاً وإفادة، ونفساً لا تعرف إلا العمل والعطاء لهذا الوطن، وأصبح عمله يخرج لنا كل يوم بإنتاج جديد، ولست هنا لاستعراض أعماله وإنجازاته فهي أكثر من أن تحصر. أدرك قيمة الوقت فأتبع القول بالعمل وهذه صفة القائد الناجح دقة المواعيد * ماذا عن عناية سموه بالوقت والتزامه بالمواعيد؟ * الأمير محمد بن سلمان يحترم الوقت ويعتني به ويقدر لحظاته، وقد اكتسب هذه الصفة من والده خادم الحرمين الشريفين الذي ضرب أروع الأمثلة في المحافظة على الوقت والاهتمام به، ولذلك ترى الأمير محمد بن سلمان يؤدي أعماله بانتظام وترتيب، وسار في حياته، واليقظة نور عينه، والحزم عن يمينه، والإنجاز في الأمور عن شماله، عرفت هذا في شخصيته من خلال الجلسات العلمية التي كان يُثريها بطرحه ومناقشاته، فكان يرسم الهدف، ويحدد الوقت للبداية والنهاية ومن هنا علمت أن الرجال يوزنون بأعمالهم الجليلة، ومواقفهم الشريفة في مسيرة حياتهم، وحرصهم على القيم الإيجابية. وقرأت في شخصية الأمير محمد بن سلمان هذه المعاني فعلمت في تلك الأيام التي مضى عليها سنوات، أنه عميق الفكر، عظيم الهمة، ينتظره مستقبل واعد؛ لأنه عرف للوقت قيمته فلا يمر عليه يوم إلا وقد سجل له في حياته نواحي إيجابية، يُتبع القول بالعمل، فينطق عمله قبل قوله، بأعماله ومآثره، وهذه صفة القائد الناجح، ولأنه أدرك جيداً أن الوقت وعاء الحياة، وأن كل إنسان يُعرف بعمله وإنتاجه، وقد انطبع في ذهنه وانفتح في فكره الاهتمام بالوطن والمواطن، والرقي بهما إلى سلم المجد ودرجات العلا، والنهوض به إلى تنمية واقتصاد يضاهي دول العالم، وهذا بلا شك يحقق تماسك المجتمع، وتلاحم أبنائه وترابط أركانه، فهو بحق يُعد شرفاً للوطن وفخراً للمواطن، ونتاج تربية صالحة قدمها الملك سلمان بن عبدالعزيز لهذا الوطن الغالي، وقد أدرك الجميع الحراك العلمي الذي يقوم به الأمير محمد بن سلمان منذ توليه واهتمامه البالغ بحقوق الوطن وإسعاد المواطن. ووجوده في منصب ولي العهد يعد شرفاً وفخراً لكل مواطن، حيث تولى سموه من قبل مناصب عدة فأحسن إدارتها وقيادتها حتى صار له الأثر الفاعل والدور الإيجابي على أرجاء الوطن بأسره. وقد حرص سموه على أمن الوطن واستقراره. هاجس الوطن * كيف ترى الوطن في عيون الأمير محمد بن سلمان؟ * أراه يشكل هماً وهاجساً قوياً، لأن الأمير الشاب الذكي اتسم بالاهتمام البالغ بالحفاظ على أمن الوطن واستقراره، ولا أدل على ذلك من قيامه بجولات للاطمئنان على جنود الوطن الأماجد المرابطين على الحدود والحامين للثغور، وحثهم ورفع معنوياتهم، وتفقد أحوالهم، وكذلك ما يقوم به من اللقاءات المحلية والدولية في خدمة الوطن والمواطنين، فهو يتمتع بحكمة وبصيرة، ويعمل بصمت وجهد دؤوب في تحقيق أمن الوطن واستقراره، ويسعى إلى تحقيق التماسك الكامل والتلاحم والترابط؛ لمواجهة أي عدو يريد بأمن البلاد سوءاً وخصوصاً في ظل هذه الظروف الاستثنائية والأجواء الحالية، التي تمر بأمة الإسلام، وقد جَمَع همة القوات العسكرية على قلب رجل واحد، في الذَبِّ والذود عن حياض الوطن، والدفاع عن أهله ومقدساته، وله الجهد الكبير، واليد الطولى في الوقوف جنباً إلى جنب مع منسوبي أفرع القوات العسكرية في وزارة الدفاع، ومواساة أهالي الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لدينهم ثم لوطنهم وقيادتهم وشعبهم، حقق الله له ما يرجوه في صالح الوطن ومواطنيه وكتب له التوفيق والتمكين. انطبع في ذهنه وانفتح في فكره الاهتمام بالوطن والمواطن وبهذا تظهر شخصية الأمير محمد بن سلمان في قوة الإرادة والعزيمة الصادقة، حيث أثمر هذا الجهد في قيام "التحالف الإسلامي العسكري". وهذا دليل على الرؤية الحكيمة والنظرة البعيدة التي تحلى بها الأمير محمد بن سلمان بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، حيث سجل في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها أمة الإسلام جهداً لم يسبق إليه في هذا العصر، وأكد قيام هذا التحالف لتكون المملكة الرائدة في صناعة القرار الإقليمي والعالمي، وتستبين مكانة المملكة السياسية الحكيمة، وحكمتها لدى جميع الدول العربية والإسلامية، وليس من السهل تحقيق هذا المطلب في ظل فتن وصراعات تموج كموج البحر إلا بعد توفيق الله ثم بالجهود المتواصلة والعمل المستمر الذي بذله الأمير محمد بن سلمان حتى تحقق -بحمد الله- في اجتماع كلمة هذه الدول، واتحاد صفهم في محاربة الإرهاب ونبذ التطرف، ليندحر ويُنبذ في العراء بلا مأوى ولا نصير. كذلك أسير على عجالة لما جرى مؤخراً في الرياض من عقد مؤتمر القمة الأميركية العربية الإسلامية الداعية لنشر الأمن والسلام ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي انبثق عنه تشييد وإنشاء مركز لمكافحة التطرف والتصدي لشره وخطره، وهو مركز: "اعتدال". العمل الخيري * اشتهر عن الأمير محمد حبه للعمل الخيري المتميز، حدثنا عن هذه النزعة الإنسانية في سموه. * الأعمال الخيرية والإنسانية في فكر الأمير محمد بن سلمان ولدت معه في حياته، وهو يسير معها حيث سارت، وله في ذلك المواقف المشهودة، والجهود الظاهرة، وأعلم أن سموه لا يرغب الحديث عن هذا العمل الذي يقوم به ولا الكتابة فيه، لكن أبت الأعمال إلا أن تنطق بالحق فهي شاهدة يراها العيان، وتحكي واقعاً لا يرتاب فيه أحد، ولا أدل على ذلك من تبنيه لعدد من المشروعات والأعمال الخيرية المتميزة منها: إنشاء مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية "مسك الخير"، وكذلك إسهاماته الكبرى في جمعية الملك سلمان للإسكان الخيري، وجهوده المباركة في الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الرياض، وأيضاً في جمعية البر، وإسهامه في تأسيس جمعية ابن باز الخيرية، وغيرها من الأعمال الأخرى، وهو بهذا العمل الجليل يتمثل خطى والده الملك سلمان في حب العمل الخيري، حيث تأثر به كثيراً، ولا أنسى تحفيزه للشباب في الأعمال النافعة، وعناية سموه بشأن الشباب وتطلعاتهم للمستقبل فائقة في هذا المجال؛ لأن الشباب هم عدة المستقبل وقوة الوطن فحرص على الاهتمام بهم وشغل أوقاتهم في الإبداع والابتكار والعطاء والإنتاج لوطنهم، وغير ذلك من الأعمال الخيرية التي يقوم بها، ودعمهم وتحقيق طموحاتهم، وقد أنشأ سموه "مركز الملك سلمان للشباب"، وأدرك فضل العمل المتعدي نفعه للآخرين، فأعطاه جُلّ وقته من ماله الخاص، ولقد كان فعل الخير وتقديم البر والإحسان يلازم الأمير محمد بن سلمان في حياته على الدوام في جميع أحواله وشؤونه، وسَمِعته كثيراً يؤكد على الإخلاص والجد في العمل، والحرص على قضاء مصالح المواطنين ومحبة الناس، وبذل المعروف، وهذه الأعمال الخيرية من لدن سموه برهان على شكره لربه واعترافه له بالفضل، حتى وفقه الله لذلك وحقق على يديه أعمالاً متعددة في مجالات الخير والمصالح المتعددة والمنافع الكثيرة. أسأل الله أن يوفق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأن يأخذ بيده للبر والتقوى وأن يعينه فيما تحمل من مسؤولية وبارك له في عمره على الطاعة والإيمان، وحفظ الله به أمن البلاد في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أدام الله عزه ورفع ذكره-. زيارة سموه لجمعية إنسان واحتفاؤه بالأيتام محبة ورحمة لهم زيارة الأمير محمد لجامعة الإمام ولقاؤه بمجلس الجامعة 2003م لفتة إنسانية من ولي العهد واحتضانه لهذا اليتيم د. الشثري متحدثاً ل «الرياض» (عدسة/ نايف الحربي)