الأمر الملكي الكريم الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله يوم السبت الماضي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان رئيساً لديوان سمو ولي العهد ومستشاراً خاصاً لسموه على مرتبة وزير، أمر غير مستغرب، فخادم الحرمين الشريفين عُرف عنه الدقة في الاختيار، والحرص على الدفع بالشباب إلى مواقع المسؤولية، والأمير محمد بن سلمان يعرف كل من تعامل معه، أو كان قريباً من مجال عمله، سواء في هيئة الخبراء، أو في إمارة منطقة الرياض، أو في ديوان سمو ولي العهد، أو في الجمعيات والمؤسسات التي يرأسها، أو يعمل في مجالس إداراتها، أنه أهل لهذه الثقة التي أولاه إياها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين. عرفتُ الأمير محمد بن سلمان عن قرب منذ تعين مستشاراً خاصاً لسمو أمير منطقة الرياض، وكان أول ما لفت نظري فيه تفاعله مع الناس وتواضعه الجم، حتى أصبح غير مستغرب أن تشاهده في الإمارة حاملا ملفاً من ملفات العمل، دون مرافق يحملها عنه، أو يسبقه لفتح باب أو حجز مصعد، كما يفعل البعض، ثم عرفته من خلال الاتصال المباشر في مجالات العمل، سواء في إمارة منطقة الرياض، أو في ديوان سمو ولي العهد، وأدركت أن هناك صفات كثيرة في شخصية الأمير محمد بن سلمان لا يعرفها الناس، أبرزها حرصه الشديد على الدقة في العمل، وتفاعله الايجابي مع الآخرين، وإيمانه بالتخصص، والعمل بعيداً عن الفردية والارتجال، وحرصه على الاستماع إلى الآراء مهما كانت مخالفة ومناقشتها، واعتماده العمل كفريق، بحيث يطرح الموضوع على المختصين ويطلب رأي كل منهم، ثم يتخذ القرار الأنسب. الأمير محمد بن سلمان طبع تخصصه بالقانون وعمله سنوات عديدة في هيئة الخبراء باحثاً نظامياً ومساعداً مستشارا في الهيئة، ثم مستشارا وقبل ذلك ملازمته لسمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، كل ذلك طبع شخصيته بصفات إيجابية عديدة، وكان تخصصه في القانون ذا تأثير إيجابي كبير في مسيرته العملية، وثقافته في هذا المجال وتفرعاته تثير إعجاب كل من دخل معه في حوار قانوني حول أمر من الأمور. قد لا يعلم كثيرٌ من الناس كيف هي علاقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز بأبنائه، وكيف هو قريب منهم ، فالأمير سلمان الذي عرفناه جميعاً قريب من الناس، ذو قدرة عالية على الموازنة بين متطلبات العمل وما يحتاجه من التزام شديد، وبين علاقاته الاجتماعية الواسعة مع جميع أطياف المجتمع، يتميز بنهج لم يحد عنه طوال عقود، وهو قربه الشديد من أبنائه وأحفاده، فإضافة إلى لقاءاته العائلية معهم التي يحرص عليها كل الحرص، فهو وبشكل يومي يجري اتصالات بكل منهم يسأله عن أحواله، وهذا القرب الذي يفتقده كثيرون ممن لا يستطيعون الموازنة بين حياتهم العملية والعائلية، جعل من سلمان بن عبدالعزيز الأب والصديق والمستشار والموجه لأبنائه. يضاف إلى هذا أن الأمير سلمان بن عبدالعزيز رجل علم وثقافة، الكتاب جزء من حياته اليومية، وإذا مرت به مسألة يحرص كل الحرص على تأصيلها، ولهذا فليس غريباً أن يجمع أبناءه في صغرهم على كتاب، أو في محاضرة يلقيها أحد المختصين، كما أن مجلسه بما يضمه من مختصين ورجال فكر في مختلف المجالات، وما يدور في هذا المجلس من حوارات جادة وثرية ، معين لا ينضب لإثراء الفكر، استفاد منه جميع أبنائه. أما جانب العمل الخيري الذي هو محط اهتمام الأمير سلمان بن عبدالعزيز، فليس غريباً أن يشغل حيزاً كبيراً من اهتمام ووقت الأمير محمد بن سلمان، سواء من خلال رئاسته مجلس إدارة مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية (مسك الخيرية)، أو من خلال عمله في العديد من الجمعيات الخيرية، أو في فتح آفاق العمل والإبداع أمام الشباب، وإسهامات سموه في هذا المجال. كل هذه الصفات والخبرات، عوامل نجاح سيكون لها تأثير إيجابي كبير في مسيرة سمو الأمير محمد بن سلمان العملية إن شاء الله. نبارك لسموه هذه الثقة الملكية الكريمة، ونسأل الله تعالى أن يوفقه للقيام بمسؤوليات هذه الثقة ويمده بعونه وتوفيقه.