انتهت المهلة الممنوحة لحكومة قطر، وفترة التمديد المتفق عليها تقديراً للشعب القطري، والدول المقاطعة متمسكة بمطالبها، والدوحة تريد أن تتفاوض على بعض البنود وترفض أخرى، والمحصلة أن الرد من كل طرف لن يكون في طريق تسوية سياسية محتملة، وهو ما يلوح في أفق الأزمة، رغم جهود الوساطة الكويتية، ورغبتها في إنهاء الأزمة داخل البيت الخليجي. الوسيط الكويتي يرى أن قطر أخطأت، ولكن تفويت الفرصة على أعداء المنطقة أهم من عقابها وعزلها عن محيطها، وتحديداً في هذا التوقيت، وهذا الكلام صحيح لو كان للمرة الأولى أو الثانية أو حتى العاشرة، ولكن الواقع أن قطر تمادت وتطاولت على سيادة الدول، وأمنها واستقرارها، وبالتالي تفويت الفرصة في عقابها وتحجيم دورها يضرّ أكثر مما ينفع، بل أخطر على المنطقة من أي وقت مضى، ومصالحة 2014 ليست بعيدة، وبوساطة الشيخ صباح نفسه، ومع ذلك نكثت العهد والوعد. الدوحة اختارت بإرادتها أن تنشق عن المجموع الخليجي، وتنحاز إلى الإرهاب دولاً ومنظمات وجماعات، وإدارة ماكينة الجزيرة الإعلامية إلى مزيد من الإثارة وتشويه الحقائق، والبحث في كل هذه التفاصيل عن النشاز، والمتناقضات، والهروب من واقع الأزمة إلى تدويلها، وعسكرة موقفها، وتصعيد خطابها السياسي بحثاً عن مخرج، فضلاً عن ترميم اقتصادها الذي بدأ هشاً في ناتجه، وعملته، وميزانه، وموارده، وكل ذلك في عمر أسابيع من الأزمة؛ فكيف سيكون الحال بعد أشهر أو سنوات؟. قطر في كل اتجاه تذهب إليه يعرّيها التاريخ، ويكشف أنها مدانة، ومتآمرة، وينقلب السحر على الساحر، وكما قيل شعراً: لا تزرع الشوك في أرضٍ تمر بها فربما عدت فيها حافي القدم لذا؛ أدرك الشعب القطري بعد عقدين من الزمن أن دولته وقيادته السبب الرئيس لنكسات المنطقة، وخرابها، وانفلات أمنها واستقرارها، وبالتالي فقدوا الثقة التي لا يمكن تعويضها بمنتجات غذائية من الخارج، أو قاعدة عسكرية، أو ميليشيات إيرانية، أو العيش في أحضان أغراب لا يمتون لهم بصلة رحم أو مصير مشترك، أو العيش في جزيرة معزولة، والإرهابيون من جماعات وميليشيات يقاسمونه خيراته، ويشوهّون سمعته، ويتحدثون بالنيابة عنه. القادم في أزمة قطر يتجه إلى مزيد من التصعيد الاقتصادي بسحب ودائع، وتخيير أصحاب المصالح من التعامل مع الدوحة أو الدول المقاطعة، وتصعيد سياسي آخر بتعليق عضويتها في مجلس التعاون والدول العربية والمنظمات الإسلامية الأخرى، فضلاً عن الموقف السياسي من الدول الداعمة لقطر.