ارتبط مصطلح "التجنيس الرياضي" في الأعوام الأخيرة بدولة قطر، بعدما منحت هذا الملف اهتماماً كبيراً، ورصدت له ميزانية ضخمة بلغت مليارات الدولارات، فتحولت العاصمة القطريةالدوحة خلال فترة قصيرة إلى مركز تجمع للرياضيين بمختلف جنسياتهم، لكنهم في الدوحة من أجل ارتداء الشعار القطري، وأضحت المنتخبات في الرياضات المختلفة عبارة عن مجموعة من المجنسين الذين اشترتهم "الدوحة" بالمال بعد أن استغلت الفقر الذي يعانون منه، وأغرتهم بالدولارات على حساب المواطنين القطريين الذين حرموا من فرصة تمثيل منتخبات بلادهم في الألعاب الرياضية، بسبب سياسة المسؤولين القطريين، التي تعتمد على شراء الإنجازات بالمال، حتى وإن كان ذلك على حساب المبادئ والقيم الرياضية، والغريب أن المسؤولين القطريين "عايشين الدور" ويتغنون بتلك الإنجازات التي اشتروها بأموالهم عبر بوابة التجنيس. التجنيس أمر طبيعي، وتلجأ له معظم الدول حتى المتطورة منها، ففي كرة القدم على سبيل المثال هناك عدد كبير من اللاعبين العالميين المجنسين، ومنهم مثلاً الفرنسي زين الدين زيدان صاحب الأصول الجزائرية، والمهاجم الأسباني ديغو كوستا ذو الأصول البرازيلية، لكن الأمر يختلف كلياً عما تفعله قطر، فالأسماء العالمية المعروفة في كرة القدم من المجنسين حصلوا على جنسية أخرى لأنهم نشأوا في تلك البلدان، وترعرعوا فيها، وأصبحوا مواطنين قبل أن يدخلوا مجال الرياضة، ويصبحون لاعبين مميزين، والواحد منهم حصل على جنسيته الجديدة ليس لأنه لاعب كرة مميز، بل لأن انظمة البلد تمنحه هذا الحق، وهذا مغاير كلياً لما فعلته ولا تزال تفعله قطر، التي تبحث عن المواهب الرياضية لتجنسها من أجل تحقيق مصالح رياضية وسياسية وغيرها، وهذه التصرفات القطرية أثارت استياء وسائل اعلام عالمية، لأنها تخل بعدالة الرياضة، والمنافسة الشريفة. مسؤولو الرياضة يتغنون بإنجازات الوهم.. والقطريون يشتكون الإهمال منتخب الجنسيات المتعددة لا خلاف في أن تلجأ إحدى الدول لتجنيس موهبة رياضية أو موهبتين، لكن أن يتحول الرياضيون في البلد إلى مجنسين، هنا لا بد أن تتدخل اللجنة الأولمبية الدولية، والاتحادات الرياضية، والاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، وإن كان الأخير قوانينه أكثر صرامة في هذا الشأن ولديه شروط صعبة، بخلاف اللجنة الأولمبية التي تبيح لقطر وأمثالها التلاعب في الرياضة وافسادها، ففي كرة القدم مثلاً أي لاعب مثل منتخبا لا يمكنه أن يمثل منتخبا آخر، لكن في الألعاب المختلفة، بإمكان اللاعب أن يمثل أكثر من دولة، وهو ما فعلته قطر مع رياضيين كثر، كانوا بالأمس يمثلون دولا وتحولوا بين يوم وليلة إلى مدافعين عن العلم القطري في المحافل الدولية، والتشكيلة الأخيرة للمنتخب القطري ضمت 15 لاعباً مجنساً من اصل 27 لاعباً، ويدافع عن ألوان قطر في تصفيات كأس العالم لاعبون يمثلون 12 دولة، معظمهم إن لم يكن جميعهم لا يعرفوا كلمات النشيد الوطني القطري، ومنهم من لا يجيد اللغة العربية امثال الغيني عمر باري والمصريان احمد علاء الدين واحمد عبدالمقصود، والفرنسيان كريم بو ضياف وايمن ليكومنت، والسنغالي خليفة أبو بكر، والبحريني علي اسد الله، والبرتغالي بيدرو ميجويل، والأوروغوياني سبيستيان سوريا، والبرازيليان تباتا ولويز مارتن، والسوداني ماجد محمد، والغاني محمد مونتاري، والكويتي ابراهيم ماجد، والجزائري خوخي بو علام، وعلى الرغم من ذلك لم تفلح هذه الأسماء في تحقيق أي انجاز للكرة القطرية، حتى وإن حجزت مواقع أساسية في تشكيلة المنتخب، على حساب "ابناء البلد"، فالولاء ليس لقطر، إنما للمال، وفي كرة القدم بالتحديد لا تنتظر الكثير من لاعب يلعب بجواز سفر مؤقت، يعرف بأنه سيسحب منه هذا الجواز ويفقد الجنسية حال انتهاء مهمته. قطريون ينتقدون بلدهم تصدى المواطنون القطريون للتجنيس في وقت سابق، وانتقدوا كثيراً سياسة بلدهم في هذا الملف، خصوصاً وأن ذلك اقترن بلقطات تلفزيونية كانت بمثابة "الفضيحة" عندما اصطادت عدسات المصوريين اللاعبين القطريين اثناء النشيد الوطني وهم صامتون، لأنهم لا يعرفونه، ولا اللغة التي كتب بها، وهو ما جعل المنتخب القطري محل سخرية الجماهير العربية. في الألعاب الرياضية المختلفة، مارست قطر الأمر ذاته بإغراء الرياضيين المميزين بالمال، بحثاً عن مجد رياضي زائف، واعترفت بعدم قدرتها على إنجاب المواهب من أبناء البلد وأنها تعاني من فقر في المواهب الرياضية، لذلك استغلت قدراتها المادية ولجأت لهذه الممارسات، لأنها تريد أن تجذب أنظار العالم لها بأي طريقة، وأن تصبح من الدول الكبيرة، ولو كان ذلك على حساب مبادئها وقيمها من خلال تجنيس رياضيين لا تربطهم بقطر لا عادات ولا تقاليد ولا عروبة ولا دين، أو على حساب دول أخرى ينتمي لها أولئك الرياضين المجنسين. الدور على الجماهير لم يبق لقطر إلا أن تستغل الشعوب الفقيرة وتجلبهم إلى الدوحة لزيادة أعداد الجماهير في مباريات المنتخبات القطرية، ليصبح لديها جماهير مجنسة على غرار ما فعلته مع الرياضيين، ولا يُستغرب ذلك عليها، لأنها على استعداد تام بأن تفعل أي شي مقابل لفت الأنظار لها، حتى وإن نالت تصرفاتها انتقادات عالمية. ولا يمكن أن نتحدث عن التجنيس القطري من دون أن نتطرق إلى المنتخب القطري لكرة اليد الذي استضاف كأس العالم للمنتخبات ووصل للمباراة النهائية كأول منتخب غير أوروبي يلعب في النهائي الذي خسره ونال الوصافة، لكن السؤال العريض هل تحقق ذلك بمجهودات قطرية خالصة؟ وبخطة عمل من المسؤولين القطريين لتجهيز هذا المنتخب؟، الإجابة معروفة سلفاً، لأننا عندما نتحدث عن الإنجازات الرياضية القطرية فنحن على يقين بأن خلفها لاعبين مجنسين، لا ينتمون لقطر ولا يربطهم بها سوى جواز سفر اسمه "جواز المهمات"، هذا ما حدث بالفعل، إذ جنس القطريون عددا من اللاعبين العالميين الذين كانوا يمثلون 11 جنسية، واستفاد منتخب قطر من بند في الاتحاد الدولي للعبة ينص على أن أي لاعب لا يرتدي قميص منتخب بلاده الأصلي لمدة ثلاثة اعوام يحق له اللعب لأي منتخب آخر، إذ مكن هذا البند القطريين من تكوين منتخب أشبه بنجوم العالم، وضم في صفوفه لاعبين من البوسنة وكوبا ومصر واسبانيا وفرنسا وايران وتونس ومونتينيغرو وغيرها، وكتبت إحدى الصحف الفرنسية عشية النهائي مع فرنسا "منتخبنا سيواجه منتخب مرتزقة يقودهم مدرب أسباني". مجنسو الإعلام باعوا أوطانهم.. ويريدون من السعوديين التخلي عن بلدهم مجنسون بالجملة في دورة الألعاب الأولمبية 2016م ضمت البعثة القطرية قائمة كبيرة من اللاعبين المجنسين، يتقدم لاعبو ألعاب القوى الثلاثي السوداني معتز برشم وعبدالاله هارون ومصعب بله والمغربي محمد القرني والمصري اشرف الصيفي والأوروجوياني فيمي سيون، وفي الفروسية الثلاثي السعودي علي الرميحي وخالد العمادي وفالح العجمي والمصري باسم حسن، وفي السباحة اللبنانية ندى وفا، وفي كرة الطاولة الكوري لي بينج، بالإضافة إلى مجنسين بالجملة في منتخب كرة اليد. مسؤولو الرياضة في العالم عليهم حماية الألعاب الرياضية من التجنيس، والعمل على اغلاق الثغرات التي مكنت قطر وأمثالها من سوء الاستغلال، وقتل المنافسة الشريفة، وشراء الإنجازات العالمية والرياضيين المميزين بالمال، فالدول الفقيرة التي تملك مواهب وتصرف عليها اموالاً كبيرة على الرغم من ظروفها الصعبة احبطت لأنها تفقد نجومها ومواهبها بين عشية وضحاها، وأسالوا المصريين عن الرياضيين الذين خطفتهم قطر في الأعوام الأخيرة، بعد أن اغرتهم بالمال، هذا التصرفات لا تمت للعدل بأي صلة، وستفقد الرياضة في يوم من الأيام أهدافها الحميدة، وعلى مسؤولي الاتحادات الرياضية وقبلهم اللجنة الأولمبية جعل "الفيفا" قدوة لهم، من ناحية صرامة التعامل مع حالات التجنيس، فليس من المنطق ولا العقل أن تخسر أي دولة مواهبها بسهولة، بمجرد تلقي تلك المواهب اغراءات على طريقة قطر التي تريد أن تصنع لها هوية عالمية بلغة المال، من حقها أن تبحث عن المنصات والإنجازات لكن ليس بهذه الطريقة "غير الشريفة"، ولو كان المسؤولون القطريون لديهم ذرة تخطيط وتفكير لصرفوا هذه المليارات على الأكاديميات وجلبوا لأبناء البلد الخبراء والمدربين العالميين من أجل تدريبهم وتفريخهم بدلاً من شراء المواهب الجاهزة، التي لم تشعر في يوم من الأيام بالانتماء لقطر وأهلها، لأن المسألة عبارة عن مصالح مشتركة لا أكثر. الولاء ليس لقطر القطريون خصوصاً المجنسين منهم لا يعرفون حب الوطن، ولا يدركون قيمة الأرض التي يحملون جنسياتها، لأنهم فجأة وجدوا أنفسهم فيها، لا يدينون لها بالفضل بأي شي، ولو حدثت أي ازمة لرموا الجواز القطري، وهرعوا إلى بلدانهم، هذا الشعور بعدم الانتماء لقطر جعل هؤلاء المجنسين خصوصاً من يعمل منهم في حقل الإعلام والرياضة يصبون جام غضبهم على الرياضيين السعوديين الذين دافعوا عن بلاد الحرمين الشريفين، ووقفوا ضد قطر وتصدوا لتصرفاتها التي لم تراع فيها العروبة ولا الدم ولا حسن الجوار، يظنون بأن الرياضي أو حتى الإعلامي السعودي سيبيع وطنه أو على الأقل سيلتزم الحياد أمام الممارسات القطرية لمجرد أنه مثل القطريين في وقت سابق مثلما حدث مع سامي الجابر في ملف كأس العالم 2022م، أو أنه ظهر في القنوات الرياضية، فالمجنسون يجهلون بأن الوطن خط أحمر، لأن فاقد الشي لا يعطيه، ولو أنهم يعرفون قيمة أوطانهم لما باعوها من أجل حفنة دولارات! السوداني برشم منح قطر فضية الوثب العالي في الأولمبياد البرازيلي تباتا انضم لمنتخب قطر منتخب قطر خليط من 12 جنسية تركي الغامدي