لفت الأمير الشاب سمو ولي العهد محمد بن سلمان أنظار الأروقة السياسية في واشنطن قبيل الأوامر الملكية بتعيينه ولياً للعهد، حيث عدت زيارته للولايات المتحدة في مارس الماضي نقطة تحول في العلاقات بين أميركا وحلفائها التاريخيين إلى مرحلة جديدة من المتانة والتقارب في الرؤى بعد أن عزلت أميركا نفسها في عصر الرئيس السابق باراك أوباما. رؤية 2030 للسعودية لفتت نظر ساسة ورجال أعمال أميركيين وكانت أهم ثمار الزيارة الأولى لواشنطن تطابق وجهات النظر بشكل تام بين الرئيس ترامب، وسمو ولي العهد حول خطورة التحركات الإيرانية التوسعية في المنطقة، حيث لمسنا تحولاً ملحوظاً في سياسة واشنطن مع إيران بعد التقارب السعودي - الأميركي، بدأ باستهداف قاعدة عسكرية للأسد المدعوم إيرانياً تلاها استهداف أميركي لأرتال عسكرية مدعومة إيرانياً في سورية، فضلاً عن العقوبات التي صعدتها واشنطن على طهران، كما وصفت قناة سي ان بي سي الأميركية زيارة ترامب للمملكة والصفقات الضخمة التي تم توقيعها بين البلدين على أنها نجاح حققه الأمير محمد بن سلمان إثر زيارته لواشنطن. أما بعد الأوامر الملكية باعتماد الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد وتهنئة الرئيس ترامب له بالمنصب خلال أقل من 24 ساعة، حاولت بعض وسائل الإعلام اليسارية في أميركا، والتي يدعوها الرئيس ترامب «بالإعلام المزيف» البحث عن مآخذ على الخطوة الجديدة التي اتخذتها المملكة، إلا أنهم فشلوا في تقديم أي نقد موضوعي، فكانت معظم الصحف والوكالات الأميركية قد أشادت مسبقاً بالأمير الشاب ورؤية 2030 واصفين رؤية الأمير بأنها ما تحتاجه المملكة بالتحديد من تقليل الاعتماد على النفط، وإشراك المواطن السعودي بشكل أكبر في العجلة الاقتصادية للبلاد. وكتبت صحيفة النيويورك تايمز عقب تعيين ولي العهد أن الرئيس ترامب يرى سمو الأمير حليفاً أساسياً في إطار بناء تحالف مسلم قوي في المنطقة، كما يتفق ترامب مع سمو ولي العهد على ضرورة رسم خط مواجهة واضح مع إيران عدا عن إشادة الرئيس ترامب بالجهود السعودية التي لفتت الأنظار لتمويل قطر لجماعات متطرفة. كما نوهت الصحيفة بالعلاقة المتينة التي جمعت جاريد كوشنير صهر الرئيس ترامب وكبير مستشاريه وزوجته إيفانكا بالأمير محمد بن سلمان حيث استضافا الأمير في منزلهما في واشنطن أثناء زيارته في مارس. وصرّح السيد «فهد ناظر» خبير في المجلس القومي للعلاقات العربية - الأميركية للرياض بأن زيارة ولي العهد لواشنطن في مارس الماضي كانت مثمرة بكل المقاييس، حيث أعرب الطرفان عن تقديرهم للعلاقات الثنائية ذات المنفعة المتبادلة والدائمة. ومن جهته، أكد الرئيس ترامب على الدور المحوري الذي يلعبه الأمير محمد في تطوير المنظومة الاقتصادية والدفاعية بالمملكة العربية السعودية، إضافة إلى دوره في رسم السياسة الخارجية، حيث عامل الرئيس ترامب ولي العهد حتى قبل تنصيبه أثناء زيارته لواشنطن معاملة الزعماء وليس المسؤولين العاديين، وفي السياق نفسه يقول السيد «ناظر» إن الأمير محمد من جهته أعرب للرئيس ترامب عن تقديره للدور القيادي الذي لعبته الولاياتالمتحدة في المجتمع الدولي. ويتوقع السيد «ناظر» المقيم في واشنطن والخبير بشؤون العلاقات الأميركية - العربية أن يزداد الدعم الأميركي للمملكة في ظل صعود الأمير محمد بن سلمان كولي للعهد وخاصة في ظل حماسة الوسط السياسي الأميركي لرؤية 2030 للسعودية وعزم المملكة على محاربة الإرهاب بكافة أشكاله. ويرى السيد ناظر أن تعيين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو أمر تخشاه إيران، حيث تحدث الأمير محمد بلغة مباشرة وقريبة من كل الناس معارضاً بوضوح الأنشطة المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها إيران، موضحاً أن هذه المغامرات غير مقبولة ويجب أن تتغير إذا أرادت إيران أن تعامل بوصفها عضوا مسؤولا في المجتمع الدولي، ومن المرجح أن الأمير محمد سيستمر بتمكين سياسات الدفاع والخارجية الحازمة للمملكة الهادفة للحد من الأنشطة المزعزعة للاستقرار، ومنها سياسات إيران التوسعية في العالم العربي وخارجه. وأخيراً يرى السيد ناظر أن رؤية السعودية 2030 شكلت عامل جذب ولفت نظر للمملكة بشكل كبير وخاصة أميركياً، حيث أعرب جميع المسؤولين الأميركيين الذين زاروا المملكة العربية السعودية مؤخراً بما في ذلك الرئيس ترامب نفسه، عن التفاؤل الكبير بالتغييرات الإيجابية الجارية في المملكة، ولم تلفت الرؤية ساسة أميركا فحسب، بل رأى الكثير من رجال الأعمال الأميركيين في رؤية 2030 فرصة استثمارية كبيرة لشركاتهم بالتوسع من تواجد الشركات والخدمات الأميركية في المملكة، لتنافس مدن المملكة أكثر مدن المنطقة حداثة، وفي العام 2020 سنبدأ برؤية مفاتيح النجاح للرؤية.