في الجمعة الأخيرة لشهر رمضان المبارك، أدى المصلون الصلاة في جنبات المسجد الحرام وسط منظومة متكاملة من الخدمات والترتيبات التي أعدتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لاستقبال المصلين والعمّار وتوفير كافة الخدمات لهم كي يؤدوا عبادتهم ونسكهم بكل يسر وخشوع، وذلك بالتعاون مع كافة الجهات الحكومية والأهلية المعنية وفق تطلعات ولاة الأمر وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهم الله -. وأمّ المصلين الشيخ د. صالح آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام , واستفتح فضيلته الخطبة بحمد الله وشكره والثناء عليه، ثم قال: هنيئاً لكم خواتيم هذا الشهر, وحمداً لك اللهم أن بلغتنا منه هذا القدر, ومن بركات شهر رمضان أنه لن يعدم مسلم منه خيراً, صيام وصلاة وصدقة وبر وإحسان, فما بين مستقل ومستكثر وما بين خيُرٍ وأخيّر, ولأن العبرة بالخواتيم, فلم يزال في الشهر بقية لمستعتب, بقيت ساعات قليلة قد تكون فيها ليلة القدر, وفيها الليلة الأخيرة التي يكرم الله بها عبادة بالمغفرة وجزيل الأجر, في ليلة الوداع تنطفئ من المساجد المصابيح, وقد كانت عامرة بالصلاة والتسابيح, ويعتق الله فيها من النار عبادً له, ويا ليلة الختم والوداع ما أشجاك. وحيث العبرة بالخواتيم فإن هذه الحقيقة تشرع الأبواب وتفتح الآمال لمن فرط في سالف أمره, فكم سبق المبطؤون إذا استعتبوا, وكم سعدوا إذا استرجعوا, فما دامت الأنفاس تتردد والقلوب تخفق, فإن كل اللحظات مزادات من الخير وسفائن من البر. وقال فضيلته , أن المسلم مقبل على رحلة بعيدة وشديدة لا ينجو منها إلا من أعظم الزاد وفر بقلب سليم إلى رب العباد, فكن نافذ البصيرة عميق الفكر صافي القلب, لا تغرك الأماني ولا تلهيك الشهوات ويخدعك الشيطان, وتذكر القبر والبعث والحشر والحساب , أعرف ربك ولا تخاتل فيه. وأوضح فضيلته: أن الله تعالى قد شرع لكم في ختام شهركم زكاة الفطر , وهي واجبة بالإجماع على القادر عن نفسه وعمن يعول, كما أنها وجه مشرق في محاسن هذا الدين العظيم, حيث العيد للغني والفقير والواجد والمعدم, وحتى أن يكون عيداَ فلا بد أن يفرح الجميع , ويسن إخراجها عن الحمل ولا يجب ووقتها من قبل العيد بيوم أو يومين إلى ما قبل صلاة العيد, فأحرصوا على إدائها رحمكم الله لمستحقيها ومقدارها صاع من تمر أو صاع من شعير , أو طعامٌ من غالب قوت البلد كالبر والأرز, وتخرج في بلد الصائم ويجوز نقلها لبلد أهله أكثر حاجه. وأوصى فضيلته: بتأدية صلاة العيد مع المسلمين واصحبوا إليها أولادكم ونسائكم فهي شعيرة ظاهرة من شعائر المسلمين , ويسن التكبير ليلة العيد وصبيحة العيد حتى يدخل الخطيب ويُجهر بالتكبير في الأسواق والطرقات, فأعياد المسلمين تميزت عن أعياد الجاهلية بأنها قربة وطاعة لله, وفيها تعظيم الله وذكره بالتكبير في العيدين وحضور الصلاة في جماعة وتوزيع زكاة الفطر وإظهار الفرح والسرور على نعمة الدين ونعمة تمام الصيام. وبيّن فضيلته: أن العيد هبة الله لعباده ليفرحوا وليوسعوا على أهلهم وأنفسهم, لأجل هذا شرع لبس الجديد وفعل ما يبهج في غير معصية الله, فإظهار السرور في الأعياد من شعائر هذا الدين ويغتفر فيه من الانبساط مالا يكون في غيره.