بعد موسم طويل وشاق، يذهب لاعبو كرة القدم حول العالم لقضاء إجازاتهم السنوية بعيداً عن المستديرة وصخب الملاعب والمنافسات، والأحمال البدنية والذهنية لفترة لا تقل عن الشهر، في حال لم يكونوا مرتبطين بمشاركات تخص منتخباتهم الوطنية، لكن الأمر مختلف تماماً بالنسبة لعدد كبير من اللاعبين السعوديين الذين يتعاملون مع إجازة الصيف على أنها فرصة للظهور في دورات الحواري وخصوصاً الدورات الرمضانية التي تستأثر باهتمام جماهيري وإعلامي مختلف عن بقية الدورات. حول هذه المشكلة يشدد المدرب الوطني يوسف عنبر على أن هذا الأمر يسيء للاعب السعودي وعقليته ويقول: "هذا الأمر غير مقبول، الدولة تصرف أموالاً طائلة على الرياضة للارتقاء بمستواها، والأندية تصرف عشرات الملايين من أجل تحقيق المنجزات عبر هؤلاء اللاعبين، نحن نعيش في عصر الاحتراف، من المفترض أن يمثل هؤلاء اللاعبين أنديتهم بشكل مشرف أكثر مما يحدث الآن، صحيح أننا نحتاج اللاعبين ليشاركوا في المناسبات العامة والاجتماعية، ولكن ليس في مناسبات من الممكن أن تلحق بهم الضرر مثل دورات الحواري التي لن تضيف لهم أي شيء في وقت هم يحتاجون للابتعاد عن كرة القدم، أنا ضد هذا الأمر تماماً ولا بد أن يتحلى اللاعبون بالوعي، إذ لا يمكن أن يكون الناس أكثر على اللاعب من اللاعب نفسه، لو ذهب اللاعبون لدورات الحواري كضيوف في اختتامها مثلاً، فإن حضورهم سيكون مختلفاً وسيكونون قد شاركوا في البطولة بشكل غير رسمي وتفاعلوا مع الجماهير وقدموا دوراً اجتماعياً وحافظوا على أنفسهم وابتعدوا عن الإرهاق وحموا أنفسهم من الإصابات". واضاف: "للأسف لم نصل لدرجة من الوعي الاحترافي الذي من خلاله يصل اللاعب إلى مرحلة تتمثل بإدراكه أن هذه الفترة تمثل فترة انتقالية بين موسم وآخر، وهي المرحلة المناسبة جداً لأن يمارس اللاعب حياته الخاصة ويتفرغ لأموره الشخصية والعائلية ويمارس أي نشاط رياضي خفيف مثل السباحة أو المشي أو أي نشاط عدا كرة القدم، إذ في هذه الفترة تأخذ العضلات وضعها الطبيعي ويحصل الجسم على استشفاء كامل يمكن من خلاله العودة للتدريبات والاستعداد للموسم الجديد بشكل مثالي للغاية، للأسف أن لهذا الأمر أبعاد خطيرة من حيث التعرض للإصابات، مع الأسف الأندية تحاول تثقيف اللاعبين لكن معظم اللاعبين يضربون بهذه الجهود والتعليمات عرض الحائط، على الرغم من كون اللاعب مرتبط بعقد يجب أن يكون ملتزماً به طوال فترة الموسم وحتى خارجه، لأن الأمر بالأخير يصب في مصلحته حتى يكون في أفضل حالاته الفنية". وأكد المدرب الذي سبق له العمل في المنتخبات السعودية ومع الأهلي أن اللاعب يبدأ الإعداد للموسم الجديد وهو مرهق، وبالتالي هو معرض للإصابة بسبب وجود أحمال زائدة تسهم في الإرهاق وبالتالي فإن الإصابات التي يتعرض لها اللاعبون في بداية الموسم تعود لعدم أخذ الراحة المناسبة خلال فترة الإجازة، وقال: "هذا يجعلنا نتساءل: ما ذنب النادي الذي يدفع الملايين ويوقع العقود مع لاعبين لا تهمهم مصلحة النادي؟ وما ذنب الجماهير في أن يُحرم فريقها من لاعب مؤثر بسبب عدم اهتمامه بنفسه ومشاركته في بطولة حواري؟ شاهدوا اللاعبين المحترفين الذين نشاهدهم في هذه الفترة يقضون إجازاتهم بين أهلهم وأصحابهم فمثلاً نشاهد الأرجنتيني ليونيل ميسي والمهاجم الأورغوياني سواريز يتواجدان في منطقة شاطئية في إسبانيا لقضاء وقت الإجازة مع عائلاتهم وحتى يعودوا لبداية موسمهم الجديد بنفسية منفتحة وبعضلات حصلت على قسط وفير من الراحة على الرغم من قيامهم بمجهودات بدنية بسيطة ولا تقارن بتدريبات اللياقة الشاقة أو المباريات، لا بد أن يعرف اللاعب أن فترة الإجازة تعتبر فترة استشفاء مشابهة للفترة التي تفصل بين المباريات". وطالب عنبر بتشديد العقوبات من خلال العقود الاحترافية واللوائح الداخلية في الأندية للحد من هذه الظاهرة مضيفا: "لا يجد اللاعبون صعوبة في تقبل عقوبات اللعب في الحواري لأنهم لا يتعرضون لعقوبات قاسية من الناحية المالية، ربما اللاعب يأتيه عرض للمشاركة في دورة حواري بمبلغ 50 ألف ريال وهو مبلغ لا يشكل شيئاً لمعظم النجوم الذين يتمتعون بعقود مليونية، وعلى الرغم من ذلك تجد أن العقوبات المالية أقل من مبلغ ال50 ألف ريال الذي يحصل عليه من دورة الحواري حتى وإن كان الهدف من مشاركته ليس مادي بقدر ما هو المشاركة في البطولة". لاعبون بلا ثقافة احترافية قال مدير الاحتراف السابق بالوحدة عبدالعزيز دبلول: "بكل امانة في الكرة السعودية مازلنا نعاني من أزمة ثقافة لدى اللاعب، في الآونة الأخيرة كثير من منظومة الاحتراف تغيرت وتطورت للأفضل، باستثناء بعض المحترفين الذين لا يزالون بعقلية هواة رغم ان الاندية تدفع لهم ملايين الريالات، وهذه بحد ذاتها مشكلة لأن كثير من المدربين الذين يشرفون على أنديتنا يعانون كثيراً من نوعية هؤلاء اللاعبين، وبرأيي لن يحل ذلك إلا اذا اعتبر اللاعب كرة القدم أنها وظيفة وعمل وتكون بالنسبة له اسلوب حياة وليس هواية، اذا اردنا تغيير عقلية اللاعب السعودي أو اردنا زراعة ثقافة لدى شخص لابد تكون من سن مبكر ولنا في ديننا خير مثال من خلال أمر الأبناء بالصلاة في سن السابعة وضربهم عليها في العاشرة، الاحتراف الحقيقي لابد أن يبدأ من الصغر، احترافنا معطوب، واللاعب لا يدرك معنى الإحتراف الحقيقي لذلك ستستمر معنا هذه العقليات غير المبالية والتي لا تعرف معنى الاحتراف الحقيقي، الأدهى والأمر أن هنالك لاعبين أجانب يشاركون في بطولات الحواري، وهذا أمر خطير ومزعج". وحول المخاطر التي قد تتسبب بها مثل هذه المشاركات في الحواري: "اللاعبون تنقصهم الثقافة الإحترافية لذلك لا يبالي بمخاطر لعبه في الحواري، كل هذه الأمور لا يدركها اللاعب في حينها لأن ثقافته لا تسمح له بالتفكير في مصلحته، لذلك يشارك بعض اللاعبين في الحواري والدورات الرمضانية بشكل مخجل". وأضاف "هناك لاعبون يحبون انشطة الحواري وانا من عشاقها، لكن لا تصل إلى مرحلة أنك لاعب محترف وتتقاضى رواتب شهرية وعالية وتشارك معهم باللعب داخل المستطيل الأخضر، بإمكانك دعم الفريق الذي تحبه اذا كان فريق ابناء حارتك أو غيره، بالوقوف معه وتوفير متطلباته من ملابس واطقم ومكافآت وغيرها، بإمكانك كلاعب أن تصبح الداعم الرسمي للفريق أو حتى رئيسه، خذ اي صفة اعتبارية، لكن انك تشارك باللعب فهذا مرفوض تماماً، الحواري لها حلاوتها وبالإمكان التواجد فيها من خلال بعض المباريات الودية مثل تكريم أو مباراة خيرية، هنا لا نمنع احد وعلى اللاعب أن يشارك لكن بحذر، أما المشاركة في مباريات تنافسية تشهد تحديات ومشادات فهذا مرفوض، أن انزل لهذا المستوى وأنا محترف هنا اضع اكثر من علامة استفهام لهذه العقلية". وعن العقوبات التي قد يتعرض لها اللاعب المحترف قال: "لائحة الاحتراف الصادرة من لجنة الإحتراف وأوضاع اللاعبين لا يوجد فيها عقوبات خاصة باللعب في الحواري، لكن مثل هذه العقوبات تكون ضمن اللوائح الداخلية التي يصدرها النادي وتوافق عليها لجنة الإحتراف، معظم الأندية تضع عقوبات بهذا الشأن خصوصاً اندية المنطقة الغربية بسبب إنتشار هذه الظاهرة، اي لاعب يلعب خارج النادي لابد أن يكون ذلك بخطاب رسمية وموافقة خطية، من الطبيعي كمسؤول لن أسمح للاعب بالمشاركة في مثل هذا النوع من اللقاءات، ولن اوافق إلا على مباراة تكريم او خيرية، لكن كمباراة تنافسية لا، اللائحة الداخلية فيها عقوبات لمثل هذه الحالات، تصل إلى خصم ما لايقل عن نصف الراتب كأول عقوبة وبدون لفت نظر، بسبب فداحة الخطأ والتجاوز". وفيما يتعلق بعلاج النادي للاعب إذا اصيب في الحواري أجاب "بكل أمانة هذه تعتمد على حسب وضع اللاعب في ناديه، لو انه ذو قيمة فنية عالية وله جماهيرية فالنادي يحاول علاجه على حسابه في سبيل نجوميته او الضغط الجماهيري، لكن لو كان لاعب عادي ومستواه متوسط فسيعاني كثيراً وسيهمل، والنادي لن يتكفل بعلاجه وهذا من أبسط حقوقه، لأن العذر في يد المسؤول بأنه اصيب في مباراة حواري، لكن لو أنه لاعب مميز فالنادي راح يعالجه مكرهاً". دبلول: ثقافة اللاعب السعودي عقيمة.. واحترافنا معطوب فهد المولد.. ترك العلاج عقب استبعاده من المنتخب وذهب إلى الحواري