أثبتت الأحداث والأزمات أن الأعداء والحركيين المندسين بيننا كلما حاولوا أن ينالوا من الشعب السعودي في توجهاته ومواقفه وقيمه، أو استفزازه وجرّه إلى مستنقع الفتنة والتأزيم والتلوين للحقائق؛ وجدوه أكثر تمسكاً بمشروع وحدته، وحب وطنه وقيادته، وأكثر وعياً بما يحيط حوله، وتفهماً لما هو مطلوب منه، وقدرة على الانسجام مع قرار دولته. الأزمة القطرية الأخيرة أظهرت بجلاء أن الشعب السعودي واعٍ لجميع الإيديولوجيات المهيمنة والنخبوية والإعلامية المأزومة في فكرها، والمثيرة في أجنداتها ومصالحها، والمشبوهة في تمويلها، وبالتالي لم ينسق لمنطق المتعاطفين مع جماعة الإخوان الإرهابية باعتزال الفتنة، والصمت عنها حتى لا يخوضوا مع الخائضين، أو الانعزال عن الواقع إلى أن تنكشف الغمّة؛ لأنه يثق في دولته، وما تقول، ويدرك أن المرحلة لا تقتضي صمتاً أو تقاعساً، وإنما صف واحد في المواجهة، وقناعة راسخة من أن الوطن لن يحميه إلاّ أبناؤه. كثيرة هي التغريدات والتعليقات والوسائط المتعددة في شبكات التواصل الاجتماعي تحديداً عن أزمة قطر، وأكثر من ذلك ردود الفعل من كل جانب، ومع ذلك لم نرَ بعض أصحاب الحسابات المليونية من المتابعين، والمفوهين بالكلام والمواعظ، وسيرة الرعيل الأول؛ يقفون مع وطنهم، أو يقولون كلمة حق، أو يبينون للناس علمهم كما كانت في حوادث سابقة في مصر وتركيا، ولكنهم صمتوا ليس للفتنة كما يدعون كذباً وتضليلاً ونفاقاً، وإنما خوفاً من الفضيحة وكشف الحساب الذي سيكون عسيراً من هنا وهناك. هؤلاء الذين نعدهم نخباً، وقادة رأي، وفجأة يصمتون في التعليق عن قرار دولتهم، وتأييده، رغم وضوح مبرراته التي لامست الكيان وسيادته، هم أنفسهم الذين تحدثوا في كل مكان بعد فشل الانقلاب العسكري في تركيا، ولم يتركوا دعوة ولا موعظة إلاّ عبّروا عنها.. السؤال: هل وطننا رخيص إلى هذه الدرجة، أو لا يستحق، أو لايهم، أم ماذا؟. الجواب باختصار أن الحكومة إذا لم تعلن قوائم هؤلاء المندسين الخونة، وتعرّي مواقفهم، ومصدر الأموال التي تغذي أفكارهم وتحركاتهم؛ فإن الفتنة قائمة، والتهديد مستمر، وجماعة الإخوان الإرهابية باقية بيننا. على الحكومة أن تضرب بيد من حديد هؤلاء المرتزقة الذين تاجروا باسم الدين، وهم يحملون في أحشائهم فكراً ملوثاً، وعقيدة لا ترى الوطن سوى جغرافيا بلا هوية ولا حدود، والمواطن تبعاً لتجارتهم المضللة، والمصالح حتى مع الشيطان سبيل للخلافة المزعومة. أزمة قطر فرصة لضرب المندسين الحركيين، وتحجيمهم، والقضاء على مشروعهم في الداخل، وتطهير المجتمع من أفكارهم الإخوانية الملوثة، ولنا تجارب سابقة مع حركات مماثلة لم ينفع معها سوى المواجهة.. التي أرى أنها حانت.