في ليلة استثنائية، عنوانها "في حب الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش"، أمس الأربعاء، بالمجلس الأعلى للثقافة، قرأ عدد من المثقفين المصريين والفلسطينيين، أشعاره وقدّم بعضهم أوراقًا بحثية حول تجربتة الزاخرة، بحضور نخب من المصريين والفلسطينيين في أمسية أدارها الشاعر رجب الصاوي. وقال ناجي الناجي: إن محمود درويش أيقونة فلسطين والعرب، ذلك المبدع الذي ظل مكنوننا الوطني والإنساني لفترات طوال، بحروف وحضور ونبض استثنائي، لعل الأثر الأبرز لدرويش خلال المنعطفات السياسية العديدة التي مرت بها القضية الفلسطينية، هو إضاءة جراح النفس التي ألمت بنا، وإعادة وهج الحنين لما ظننا أنه هامشي، كان مذكرًا دائمًا أن الميادين طرقات لا بيوت، وأن رائحة البحر هي البوصلة. هو الباحث عن فلسطين وعن الإنسان التي غادرها أملًا في وطن أكبر بلا تتار جدد، وفكرة أكثر رسوخًا، رأى بيروت بعين الجار المتيم، وودع تونس بدموع طفل تنهمر. وروى الكاتب الفلسطيني زياد عبدالفتاح -صديق الراحل- ذكريات إنسانية جمعته به، إذ يقول "أول مرة التقيت فيه محمود درويش كانت في القاهرة، كان خارجًا من الأرض المحتلة بلا عودة، ولم تتوطد علاقتنا في ذلك الوقت المبكر من السبعينيات، ذلك لأنه سرعان ما غادر إلى موسكو ليستكمل دراسته، لكنه لم يُطق البقاء هناك، وعاد بذات السرعة. وكما يقول إن درويش كان صادقًا مع نفسه ومع الآخرين. ويضيف: حين كان بمرافقة ياسر عرفات، فوق مجاهل إفريقيا، اقترب منه ياسر عرفات وقال له "أريد محمود درويش إلى جانبي، وأريده أن يكون وزيرًا للثقافة"، وبينما هما في طريقهما إلى جوهانسبرج قبل التوقيع على اتفاقية أوسلو بأيام ويمضي إلى نلسون مانديلا يستخرج رأيه ورؤيته وكانت الرحلة خاطفة، وفي طريق العودة اقترب منه ياسر عرفات وقال له "أريد صاحبك إلى جانبي ليس وزيرًا للثقافة وحسب أريده نائبًا لي". ولكن محمود درويش اعتذر عن هذين العرضين. وتمعن الدكتور حسين حمودة، نقديًا في تجربة محمود درويش، بورقة جاء فيها: من بداية ستينيات القرن الماضى وحتى أواخر العقد الأول من هذا القرن، ظل محمود درويش يصل شعره بساحة الوقائع الكبرى والصغرى من حوله. من هنا، تصلح استعارة "أطوار الفراشة"، مدخلا مناسبا لمقاربة مسيرة محمود دوريش الشعرية الحافلة، وإن لم تكن هذه الاستعارة -بالطبع- قانونا محكما، صارما، ملزما لكل القراءات الممكنة لمعالم هذه المسيرة، وإلا تحولت هذه الاستعارة إلى سجن آخر جديد، يضاف إلى سجنين هائلين تحرك بينهما محمود دوريش طيلة حياته كلها: سجن تمثل فى وطنه السليب الذى اقتلع منه، وعاش فيه بعض فترات من حياته غريبا مكبلا بشروط المحتل، وسجن آخر تمثل فى بلدان العالم الواسع الذى كان -لفترات غير قصيرة- ساحة مترامية الجهات لمنفاه الاختيارى أو القسرى. كما قدمت الدكتورة نانسي إبراهيم، ورقة حول شعر محمود درويش، أكدت فيها أن محمود درويش شاعر من أهم شعراء الوطن العربي، حمل ذاكرة أمة ووطن وذاكرة إنسان، ولعل البعض يظن أن درويش رائد من رواد التجديد في قصيدة النثر، غير أنني دُهشت حقًا حين علمت أنه لم يكتب قصيدة النثر، بل أن كل قصائده على وزن وتفعيلة ولكنه أضاف شكلًا جديدًا للقصيدة يصل رغم صعوبته وتفرده. زياد عبدالفتاح حسين حموده نانسي إبراهيم