في لحظات من تاريخ مصر والمنطقة العربية كانت قناة الجزيرة الفضائية القطرية، ومنذ انطلاقها فى عام 1996 ضمن المصادر الأساسية لمتابعة الأحداث التي تعج بها المنطقة، ولم يكن هناك غبار على ظهور أي من المحللين السياسيين أو أصحاب الرأي ضيوفا عليها، وذلك على اعتبار أنه لم يكن واضحا أنها محسوبة على أي من الأنظمة التي تريد أن تتحكم بالمنطقة وتفرض عليها أجندتها الخاصة، أو التي تسعى لفرض السيطرة والهيمنة عليها لصالح قوى خارجية، أو بعبارة أدق لم تكن هناك حالة من الصدام الواضح بين مصالح قطر، ومصالح كثير من الدول في المنطقة وتحديدا الدول المحورية منها وفي مقدمتها مصر والسعودية. وحسبما يرى المراقبون السياسيون للأحداث في المنطقة، لم تستمر تلك الحالة التي بدت بها الجزيرة طويلا، وأخذت في التحول غير الملحوظ، وذلك في أعقاب أحداث 11 سبتمبر من العام 2001، حينما ركزت وبشكل أساسي على تنظيم القاعدة، حتى بدا ذلك التحول في صورة أوضح بعد العام 2005 وهو العام الذي أعلنت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية السمراء كونداليزا رايس عن فكرة الشرق الأوسط الجديد. بعده اتجهت الجزيرة إلى الترويج لدعم جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة مصريا وعربيا بالإرهابية، وهو ما أكد عليه موقف الجزيرة والذي بلغ اشده حين استغل القائمون عليها، حالة الفوضى التي سادت مصر في أعقاب انتفاضة 25 يناير 2011 وقامت بالمخالفة ببث قناة "الجزيرة مباشر مصر" دون حتى الحصول على التراخيص اللازمة لذلك وبدأت الضرب في نظام مبارك ليس خدمة للشعب المصري وإنما خدمة للأنظمة التي كان من صالحها التخلص من نظام مبارك ضمن أنظمة عربية أخرى. استغلت "مباشر مصر" حالة الغضب التي تملكت الشعب بسبب فساد نظام مبارك ورغبته فى التخلص منه واستطاعت التسلل إلى داخل الوسط الإعلامي المصري حتى كانت محطة لكل من يعتبرون انفسهم من الثوار والنخبة السياسية. مع التغير الذي حدث بعد ثورة 30 يونيو التي استطاع من خلالها شعب مصر التخلص من نظام الإخوان، ظلت الجزيرة على موقفها الداعم للإخوان، ولم تعترف بثورة الشعب ووصفتها بالانقلاب، بعد أن خسرت الجزيرة الرهان على تحقيق أهدافها في مصر وغيرها من الدول التي شهدت ما يسمى بالربيع العربي وبنفس السيناريو المرسوم. لم تحترم الجزيرة إرادة الشعب المصري وعقدت النية على الانتقام منه بعد أن نجح في الإطاحة بنظام جماعة الإخوان الإرهابية. وبلغ التحدي بقناة الجزيرة مباشر مصر أن عمدت استقبال عدد من الصحفيين، وتأجيرهم بالساعة مقابل حفنة من الدولارات قال بعضهم إنها وصلت وقتها إلى 3 آلاف في الحلقة الواحدة فضلا عن الإقامة الفاخرة في فنادق الدوحة. وكانت الجزيرة وفى كل خطوة يخطوها الشعب المصري نحو الاستقرار تعلو موجات الهجوم منها على النظام السياسي في الدولة. وكان رهان الجزيرة قائما على تحويل مصر إلى سورية أخرى، ولكن لن تفلح مساعيهم خاصة بعد أن أعلن الشعب المصري إرادته واضحة وظللتها قوته العسكرية والأمنية التي تلاحق الإرهاب ليل نهار، وهو ما أحدث حالة من اللا توازن لقواه التي لا تريد الخير لمصر. لم يقف الدور التآمري للجزيرة عند الأحداث في مصر ولكنه امتد إلى دول خليجية أخرى، منها البحرين، لتقدم الجزيرة دليلا دامغا على أنها آلة إعلامية لتفتيت الأمة العربية.