بعد الطرد من فندقين في قطر على خلفية مخاوف من أن يكون في استضافتهم انتهاك للقوانين الأميركية لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب عقد قادة حماس مؤتمراً صحفياً الأسبوع الماضي في فندق شيراتون الدوحة للإعلان عن إصدار وثيقة سياسية جديدة. تم الترويج لهذه الوثيقة بأنها ستكون نسخة أكثر اعتدالاً من الميثاق التأسيسي للحركة لكنها لم تكن بالجديدة ولا المعتدلة؛ حيث إن حماس لازالت ملتزمة بمبدأ العنف كإستراتيجية لها. لكن هذا الحدث ساهم في كشف حقيقة لم تكن غائبة عن الأذهان ولكنها أكدتها ألا وهي أن قطر على الرغم من أنها ماتزال حليفة لأميركا إلا أنها تقوم بدعم وإيواء المنظمات الإرهابية والتمويه على وجودها. ويسمي عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحماس والناطق الرسمي باسمها الدوحة بيت الحركة الأول. إن قطر -في عبارة موجزة- لا تساعد حركة حماس بل هي الراعي الاقتصادي والسياسي لها. وهي الآن تسوق لحماس، وتحمل جميع محاولات التحول السياسي الذي تشير إليها الوثيقة التي أعلنتها حماس الأسبوع الماضي بصمات الدوحة. ويمكن لنا أن نتوقع مزيدا من التغيرات في حركة حماس في الأيام المقبلة والأسابيع القادمة. وليست حركة حماس هي أول منظمة تتمتع بمساعدة دولة قطر في التستر عليها والتمويه على نشاطاتها، فعندما أعلنت جبهة النصرة الانفصال عن تنظيم القاعدة في عام 2016، قيل إنها فعلت كذلك بتحريض من دولة قطر التي وعدتها بتوفير المزيد من المساعدات المالية لها. ولم يكن خافياً أن هذا الانقسام حدث بمباركة من قيادة تنظيم القاعدة ولم يكن الغرض منه سوى التمويه والخداع، ولم يتطلب ذلك سوى تغيير بعض الأسماء وإدعاء من النصرة بأن ليس لها علاقة بأي جهة خارجية. وقامت قطر بالترويج لما سمي بالانشقاق أو الانقسام وبثت شبكة الجزيرة الإخبارية المملوكة للدولة مقابلتين مطولتين مع زعيم جبهة النصرة محمد الجولاني. وكان ذلك أول ظهور للجولاني في وسائل الإعلام حيث تحدث مفصلاً عن قيام تنظيم جديد مستقل عن جبهة النصرة صاحب التوجه المعتدل تحت مسمى جبهة فتح الشام. وبالطبع، لم يتبرأ الجولاني من ولائه لتنظيم القاعدة ولم ينكر عقيدة التنظيم وفكره بل مضى للتعاون مع قادة القاعدة في سورية في الوقت الذي أدعى فيه أن النصرة ترفض الخضوع لأي إملاءات أو هيمنة خارجية. تلك الادعاءات لم تكن إلا على سبيل التمويه والتغطية على عملية تمويل قطر للحركة في سورية. حركة طالبان هي الأخرى كانت وماتزال من بين أكبر التنظيمات الإرهابية التي تحظى بدعم وتمويل قطر والمستفيد من عمليات التمويه التي تقوم بها الدوحة. ففي سنة 2013 ، عندما قررت حركة طالبان فتح أول سفارة لها اختارت الدوحة لتحتضن أول ممثلية دبلوماسية لها في الخارج لأن العاصمة القطرية كانت الموقع الأكثر ملائمة حيث يقيم كثير من زعماء طالبان. وبعد الاحتجاج الذي تقدمت به حكومة أفغانستان سارعت قطر إلى إغلاق هذه السفارة رسمياً. وفي سنة 2015 قام مسؤولون في حركة طالبان بزيارة الدوحة للتفاوض على إطلاق سراح الجندي الأميركي الأسير بو بيرغدال مقابل إطلاق سراح خمسة من كبار أسرى طالبان من معتقل معسكر غونتانامو. ويعيش هؤلاء الخمسة الآن حياة مترفة في الدوحة ولا ينقصهم شيء سوى السماح لهم بحرية السفر والتجوال. ويقال إن القطريين يدفعون أجرة المساكن المترفة لأعضاء حركة طالبان وأن مسؤولين أميركيون قد التقوا بهم خلال وجودهم في العاصمة القطرية وأن آخر هذه اللقاءات كان في أكتوبر 2016. في تقريره الأخير قال ديفيد وينبرغ مدير مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية أن قطر لم تستطع طوال الفترة الماضية أن تقبض على شخص واحد من المطلوبين للولايات المتحدة أو الأممالمتحدة وتوجه له الاتهامات أو تقوم بإدانته أو سجنه، مما يعني أن الإرهابيين يتجولون بحرية في هذه الزاوية الصغيرة من الشرق الأوسط. ليس هذا فحسب بل تقوم الحكومة القطرية في بعض الأحيان بمساعدة هؤلاء المطلوبين للعدالة الدولية بتغيير أسمائهم وتقوم بغض طرفها عما يقومون به من نشاطات هدامة. كل هذا يعتبر من الأمور المروعة للغاية لأننا لا زلنا نعتبر قطر واحدة من حلفائنا. الجدير بالذكر أن البعض هنا أو هناك يعتبرون أن هذا التحالف قائم على أساس مبادئ مشتركة. ونقول لهم إن هذه علاقة معاملات قامت على أساس أن دولة قطر سمحت للولايات المتحدة إقامة قاعدة عسكرية ضخمة على أراضيها في العديد والتي أصبحت مهمة جداً للعمليات العسكرية الأميركية المتقدمة ضد تنظيمات القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية الأخرى في الشرق الأوسط. ومن المفارقات المثيرة أن القاعدة الجوية قريبة جداً من مكتب حركة طالبان. إن البعض من القوات المسلحة يؤكد بأن ذلك ليس بالمشكلة. البعض من المحللين يقولون بأن حكومة الدوحة تشهد تغييراً لكننا نقول لهم إن قطر مازالت تدعم الإرهاب. لقد حان الوقت أن تحدد دولة قطر موقفها وإلى جانب من تقف.