لم يعد العالم في هذا العصر سهل الانعزال في أقاليم ودول بل صار شبكة حية تستدعي أدنى وخزة منها استجابة في جزء آخر. وقد شاء الله أن يكون قدر بلادنا أن تشارك أكثر من غيرها في التصدي لمشكلات كثيرة، وقد تقبلنا هذا القدر بروح المسؤولية من منطلق معرفتنا بحجمنا الدولي ورغبتنا في أن نكون قوة فاعلة في المسرح الدولي. واليوم يدخل بنا مركز اعتدال العالمي طورا فكريا جديدا يستند على المنهجيات العلمية والملكات العقلية والأساليب البحثية المتطورة. واعتدال مركز فكري عالمي متطور يستخدم التكنولوجيا المتطورة بصورة فعالة وينص قانون إنشائه على التصدي لمحتوى الفكر المتطرف بل واجتثاثه من جذوره ومواجهة ثقافة الإقصاء وترسيخ مفاهيم الاعتدال وتقبل الآخر وإثراء فكرة التواصل والتفاعل والتسامح بين المجتمعات الإنسانية وفق رؤية تسامحية إنسانية تجعل من الاعتدال والتوسط قيمة إبداعية في سلوكيات العالم. ولا ريب أن ثقة وثقل مركز اعتدال العالمي مشتقة من ثقة وثقل المملكة ومكانتها الرفيعة ليس في العالمين العربي والإسلامي فحسب؛ بل وفي المجتمع الدولي بأسره بحيث أصبحت كيانا يجمع وقوة تدعم الحق وتقف إلى جانب القيم والمثل والمبادئ. اعتدال مركز فكري عالمي متطور يستخدم التكنولوجيا المتطورة بصورة فعالة، وينص قانون إنشائه على التصدي لمحتوى الفكر المتطرف بل واجتثاثه من جذوره ومواجهة ثقافة الإقصاء وترسيخ مفاهيم الاعتدال وتقبّل الآخر وإثراء فكرة التواصل والتفاعل والتسامح.. فعندما نلقي نظرة عامة على المجتمعات الإنسانية وما تعانيه اليوم من اضطراب وفوضى ومآسٍ من جراء العنف والتطرف وبالذات بعد أن تغلغل في المجتمعات الإنسانية وشعر العالم بخطورته ندرك الأهمية الكبيرة لهذا المركز وما سوف يكون له من قوة وفاعلية واتساع وعمق أثر في المجتمعات الإنسانية وانحيازه الواعي لمصلحة التسامح والاعتدال، فالمركز قاسم فكري عالمي مشترك تلتقي فيه الأفكار من الشرق بنظيرتها من الغرب رائدها المصداقية والحيادية والشفافية ومقومها الأساسي الاعتبارات الإنسانية والالتزام الأخلاقي. والآن على واقع مركز اعتدال أصبح العالم يعترف قانونيا بخطر التطرف ولهذا الاعتراف قيمة حضارية في حد ذاته. وعلى المركز أن يدرك أن تقرير المبدأ لا يعني اختفاء الظاهرة لكنه تطور حقيقي في طريق الوصول إلى مكافحة ظاهرة التطرف. فالخيط الذي يشد المركز بعضه إلى بعض ويربط بين أجزائه هو التسامح والاعتدال وعند ذلك يرتبط العالم تسامحيا بعضه ببعض وذلك بالحفاظ على شبكة علاقات المجتمعات الإنسانية قوية ومتماسكة ومتعاونة، فالعلاقات المضطربة في منظومة الأشخاص لها نتائجها العكسية في منظومة الأفكار. مجموع هذه الملاحظات ترسم الحالة الفكرية لمركز اعتدال في بناء منهج فكري متكامل يسند الوعي العالمي ويكرس قيم التسامح والاعتدال ويتصدى لمقولات العنف والإقصاء والتعصب والكراهية ويعزز الإحساس بالسلام ويؤكد على القيم العالمية المشتركة ويغير القناعات السالبة التي تقوم على ثقافة العنف والتطرف وأحادية الفكر والتحيز والتعدي والإيذاء وعدم الفاعلية ويستبدلها بالانفتاح والتسامح والاعتدال والعفو والتصالح والسلام. إن على المركز أن يخرج برؤية واضحة خاصة وأن العالم يضع المركز تحت أنظاره وينتظر ماذا سوف يفعل في هذه القضية المركبة والمعقدة والمتداخلة وما هي الحقيقة الكاملة التي سوف يصل إليها. وبما أن المركز يحمل بعدا عالميا يقصد منه نشر الاعتدال والتسامح بين أبناء الحضارات على اختلافهم آخذا بأسباب الفكر والحضارة والتكنولوجيا المتقدمة مما يعني ضمنا أن العالم أصبح يعترف قانونيا بخطر هذا العدو المشترك وهذا الاعتراف يعد قيمة حضارية في حد ذاته. ولذلك ألقى المجتمع الدولي على مركز اعتدال مسؤولية كبيرة في الوقوف على حالة التطرف وقوفا فكريا ومحو هذا الفكر محوا تاما من الوجود الإنساني وإحلال التسامح والاعتدال. وهذا يستدعي إحداث تغيرات فكرية عميقة منفتحة تتمتع بسعة العقل وشمولية الرؤية تقوم على: * تكوين رؤية للتعامل مع الثقافات العالمية تكون منطلقا تلتقي عليه البشرية كوحدة الجنس البشري والكرامة الإنسانية والقيم الخلقية والتعارف والتواصل والمصالح المشتركة. * التفاعل الدولي مع القضايا مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والتفاعل الإيجابي مع الملتقيات الفكرية والمنظمات الثقافية الدولية. * إحداث تغيرات عميقة في مؤسسات الفكر والإعلام ووسائل التواصل والوسائط المعرفية تقوم على الوسطية والاعتدال. * تأسيس خطاب ثقافي وإعلامي أخلاقي يؤمن بالاعتدال والتسامح والشفافية. * بناء نموذج فكري إعلامي اتصالي يؤكد على التوحد ويرفض الانقسام ويغلب المصالح العليا على المصالح الضيقة ويؤسس لثقافة الانفتاح والتسامح. * بث رسائل فكرية إعلامية تدعو إلى التسامح والانفتاح والتصالح والسلام وتنبذ التطرف والتحيز والإقصاء والكراهية والعنف والتعصب. * بناء علاقة مع الآخر تقوم على القواسم الإنسانية المشتركة ونقاط التفاعل الثقافي الحضاري على قاعدة إنسانية تغلب الرؤية الإنسانية المنفتحة على الرؤية الضيقة. * توافر الشفافية والمصداقية والعلمية في تناول القضايا والموضوعات وتقديم التحليلات المنهجية والعالية الجودة حول العلاقة ما بين الديني والسياسي ببعدها الفكري والثقافي فكرا وممارسة. * تشخيص وتحليل الأوضاع الإستراتيجية في العالم وتتبع تأثيرها على المستوى المحلي والإقليمي. * التعاون العلمي الثنائي مع مراكز الدراسات والمؤسسات الفكرية والجامعات والمعاهد العليا العربية والأجنبية وتبادل الخبرات مع بيوت الخبرة ومراكز الدراسات ومؤسسات الفكر من خلال برنامج الشراكة العالمية. * الشراكة العلمية مع مراكز البحوث والدراسات العربية والعالمية على المستويات المتعددة. * الاستجابة الفورية للأحداث والتطورات والمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية بإصدار التقارير والتحاليل والأوراق العلمية. * توفير الخدمات الأكاديمية العلمية والعملية مثل عقد المؤتمرات الأكاديمية والندوات والمحاضرات وحلقات النقاش وإتاحة الفرصة للباحثين لتقديم أبحاثهم العلمية حول ظاهرة التطرف. ونحن على ثقة بأن الأفكار الإيجابية التي سوف يتوصل إليها المركز ستؤسس لرؤية فاعلة وقوية تمحو ظاهرة التطرف محوا تاما.