لا شيء أسوأ من الخيانة.. وليس هناك من هو أضعف من الخائن.. حيث لم يحدث أن كانت نهايته سعيدة.. هذه حقيقة بشهادة وقائع تاريخية معروفة وليست مجرد رأي! وهذا هو السياق المناسب لتناول تصريحات أمير قطر التي لم تكن جديدة في مضمونها وتأتي امتداداً لعهد "الوالد".. وكنا حسبناها شجاعة منه في إعلانها؛ لكنه ما لبث أن تنصل منها؟ عندما يتحدث الشيخ تميم عن إيران ويكيل لها المديح فإنه في الحقيقة لا يتحدث بلغة القائد بقدر حديثه بلغة الخائف المسكون بالرعب من الكبار، حيث يتوهم أن ليس أمامه إلا عداؤهم أو الارتماء في حضن أحدهم ليحميه من الآخر.. وهو الأمر الذي يتجلى بوضوح في تبريره المهين لوجود "قاعدة العديد"! إنه بالضبط صرح برعبه.. عقدة الحجم الصغير.. عقدة الجغرافيا.. ولنتخيل لو أن كل الدول الصغيرة في مساحتها سلكت ذات المسلك وسكنها الرعب الدائم من الكبار.. كم سيكون عدد القواعد الأميركية في العالم؟ كل تفاصيل الحديث الصحفي الذي تراجع عنه؛ هي في الحقيقة تصف واقع السياسة القطرية.. لكن ليس هناك دناءة تساوي اللقاء بالإرهابي قاسم سليماني في بغداد؟ حتى هذا اللقاء اختارت له الخارجية القطرية أن يتم في بغداد، حيث يمكن لكل الخونة أن يلتقوا بعيداً عن الضوء وبعيداً عن الضمير، ولا شك أن وزير الخارجية القطري عندما التقى قاسم سليماني في بغداد لم يبحث معه التعاون في مواجهة الإرهاب أو ينصحه لينسحب من العراق وسورية ولبنان واليمن، بل المؤكد أنه التقاه ليبارك إرهابه ويتبادل معه خبرات التلاعب بالمواقف ورشاقة القفز بين المستنقعات.. حتى سليماني نفسه ربما لم يتوقع لقاء بهذه الجرأة؟ إذ كيف لمسؤول في دولة يقف جنودها على الحد الجنوبي أن يلتقي عدوهم. هذا بخلاف خيانته لرفقاء السلاح على الحدود!! مؤكد أن الشعب القطري يشعر بالعار من ذكر ذلك اللقاء؟ ولا نلومه.. لأن القيادة القطرية بهذا اللقاء تجاوزت كل مستويات السقوط إلى المستوى الذي لا يستحق فيه أطراف هذا الاجتماع إلا أن نتجاهلهم ونتجاوزهم إلى مرحلة جديدة عنوانها "الحزم مع الخونة". ولو كان في القيادة القطرية رجل رشيد لنصحها أن قطر ليست في وارد المقارنة مع المملكة ولن تستطيع مهما أنفقت الاضطلاع بمسؤولية القيادة الإقليمية والدولية، لأن التاريخ والجغرافيا لا نملك أمامها إلا التسليم والتعايش بحكمة وتغليب العقل على مراهقات الصغار. لو فكر القطريون لوجدوا أن العمق الاستراتيجي للدوحة ليس جهة طهران بل جهة أبناء العمومة والإخوة الكبار الذين يشهد لهم التاريخ بمواقفهم الراعية لشقيقاتهم. المملكة تقود تحالفاً عالمياً جديداً عنوانه طمر مستنقعات التطرف.. مركز (اعتدال) وقبله مركز الحرب الفكرية (فكر) في وزارة الدفاع السعودية لم تكن إلا توطئة لمشروع عالمي تجلت تفاصيله في (قمة الرياض العالمية) التي استفزت بؤر ومستنقعات التطرف والإرهاب في العالم، حتى خرجت عن صمتها وكشفت عن عوارها المشين؟ وعندما نتحدث عن التطرف فإننا حتماً لا نستطيع تجاوز تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي الذي تستضيف الدوحة قياداته.. كما لا نستطيع تجاوز منصة الإرهاب في الجزيرة القطرية.. ولا مراكز استضافة شذاذ العالم وإيوائهم بزعم أنها مراكز دراسات وبحوث؟ ومن المؤكد أن القطريين قرأوا التوجه الجديد ووصلتهم الرسالة بأن العالم المتسامح مع الخونة والمتطرفين لم يعد كذلك؟ وأن قطار الحزم الذي انطلق باكراً وصل إلى مستنقعهم؟ لكن الذي لم تدركه قطر هو أن هذه ليست حربا طارئة نتوقع نتائجها غداً؛ بل عهد جديد تتواصل إنجازاته ويتكاثر حلفاؤه وتضيق فيه الدائرة على أعدائه؟ ولا سبيل للسلامة إلا بالانضمام للتحالف الدولي.. وإعلان البراءة الصريحة من التطرف والإرهاب.. والمراهقات الفارغة.