إن افتتاح الرئيس الأميركي دونالد ترمب جولته العالمية الأولى منذ تسلُمه مفاتيح البيت الأبيض في يناير من العام الحالي بزيارة المملكة العربية السعودية له من المعاني الكثير، حيث إنه لا يدل فقط على قيمتها في المنطقة وحجم تأثيرها على كل الأصعدة إضافة إلى دلالته على عمق العلاقة السعودية الأميركية وتقدير الأخيرة لبلادنا بل يدل على أن الساسة الأميركان الجدد يعرفون أهمية مد أواصر الصداقة وتقوية العلاقات مع المملكة، كما أنها إشارة واضحة وتحذير لكل من يحيك الساسيات العدائية ضدنا ليعرف حجمه الحقيقي وأن ألعابه قد انكشفت. إن قيام الرئيس الأميركي بهذه الزيارة سيكتب اسمه في صفحات التاريخ كأول رئيس أميركي يبدأ زياراته الخارجية للمملكة حيث إن كل من سبقه كانت لهم أجندة زيارات مختلفة وذات توجه غالباً للدول الأوروبية وكندا، ولعل الرئيس ترمب قد اطلع على تقارير دبلوماسييه والأجهزة المساعدة له وعلم أن للمملكة الدور الأساسي والرئيسي في محاربة الإرهاب ومجابهة أعداء الإنسانية والضرب على أيدي مثيري الفتن الطائفية والنعرات العنصرية، لذا كانت زيارته اعترافاً بأهمية المملكة، كما لا ننسى الدور الدبلوماسي السعودي على مدار الأشهر السابقة مع نظرائهم بالولاياتالمتحدة الأميركية لكي يضعوا النقاط على الحروف ويسكتوا الألسن البائسة التي تحاول إفساد العلاقات ما بين الدولتين الكبيرتين، وجاء الرد من الدبلوماسية الأميركية بهذه الزيارة التي تدل على مكانة المملكة وأهميتها، ودافع معنوي من أجل أن تستمر المملكة في دورها الشاق لنشر السلام العالمي ومحاربة التطرف والإرهاب مستندة على عقيدة وسطية متينة وعقول مستنيرة ورجال أشداء. يختلف الرئيس دونالد ترمب عن الرئيس السابق أوباما بأنه يسعى سعياً واضحاً لتحجيم قوى الشر العالمية وعلى رأسهم إيران ولا ننسى تصريحاته الواضحة عندما اتهم إيران صراحة بأنها أكبر راع للإرهاب العالمي، وبسبب السياسة الخارجية الأميركية المهادنة خلال السنوات الثماني الماضية أعطت لكل من إيران وروسيا دوراً أكبر بكثير من حجمهم الحقيقي حيث إن اللعبة الدبلوماسية العالمية لعبة تعتمد على التوازنات، واختفاء الولاياتالمتحدة طول السنوات الماضية عن هذه اللعبة جعلها تخسر الكثير مع الإدارة الديمقراطية السابقة وعندما جاء رئيس أميركي يعي دور الدول ويقدر الحكومات والقادة بالشكل الصحيح ويحاول أن يستعيد مكانة الولاياتالمتحدة في المنطقة عبر الدولة الكبيرة المعتدلة في المنطقة والتي تمتلك القدرة على حل الكثير من المشكلات والأزمات وهي المملكة العربية السعودية بكل تأكيد. إن هذه الزيارة رسالة إلى أصحاب العمائم السود من الملالي بأن يحذروا من عواقب ما يفعلونه في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن أو غيرها من المناطق كما أنها تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن المملكة عندما اتخذت قراراها في عاصفة الحزم والأمل كان نعم القرار في توقيت ممتاز ليعرف الجميع كم تحملت المملكة وهي تقف لتجابه حثالة الساسة الإيرانية وهم يخططون ويهندسون لتخريب المنطقة، ولكن بعد كل هذا الصبر والتحمل جاءت اللحظة ليرد العالم وليس الولاياتالمتحدة فقط الجميل إلى المملكة وقادتها على دورهم المحوري في حل الأزمات على مستوى المنطقة والعالم ومجابهة مخططات الشر.