أثار منتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي الذي سينعقد يومي 14 و15 مايو الحالي ببكين اهتماما كبيرا في المجتمع الدولي ونقاشا ساخنا في وسائل الإعلام الكثيرة. وأعتقد أن منطقة الشرق الأوسط تحتل مكانة مهمة إذا ما استعرضنا عملية بناء "الحزام والطريق"، حيث حصدت إنجازات كبيرة في التعاون مع الصين في هذا الصدد. أولا، التعزيز المستمر للثقة السياسية المتبادلة بين الصين والشرق الأوسط. توصلت الصين ودول الشرق الأوسط إلى ثلاثة توافقات بشأن بناء "الحزام والطريق":أولا، بناء "الحزام والطريق" يقود اتجاه التعاون الإستراتيجي بين الجانبين. حيث أنشأ الجانبان آلية الحوار الإستراتيجي السياسي، وأصبح التصميم على أعلى مستوى للعلاقات الثنائية أكثر نضجا، ويلعب "منتدى التعاون الصيني - العربي" دورا مهما في هذا المجال. كما عززت الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بين إلى ثلاث دول في الشرق الأوسط، السعودية ومصر وإيران الثقة المتبادلة. وقد تم خلال زيارة شي التوقيع على 52 اتفاقية تعاون، ما فتح صفحة جديدة لبناء "الحزام والطريق "بين الصين ودول الشرق الأوسط. ثانيا، التكامل الكبير بين الجانبين وتمتعهما بفضاء واسع ومجالات متعددة للتعاون، مما يمكن للجانبين الاستفادة من بعضهما البعض، كما يمكنهما التحالف لتعزيز المزايا. وفي هذا الصدد، تمتلك الصين مزايا في السلع والتكنولوجيا والاستثمار والسوق وغيرها من العوامل التي تحتاج إليها منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل، يتوفر لدى الشرق الأوسط الطاقة والاستثمار والسوق وغيرها من العوامل التى تحتاج إليها الصين. ثالثا: الجانبان لديهما الحماسة في التعاون. حيث تعزز الصين الانفتاح على الخارج من أجل إنجاز هدف بناء مجتمع رغيد العيش على نحو معتدل بحلول عام 2020. في حين تهدف دول الشرق الأوسط إلى تحقيق الاستقرار في الوضع السياسي وانعاش الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب، وتسرع في تطبيق سياسة "التوجه إلى الشرق"، فترغب في ربط خططها للتنمية بمبادرة "الحزام والطريق". ثانيا، التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والشرق الأوسط قوي أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية؛ وحققت المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة الصينية - الخليجية تقدما كبيرا؛ وتم توقيع اتفاقيات تعاون حجمها 183 مليار يوان خلال الدورة الثانية لمعرض الصين والدول العربية، و أصبح المعرض منصة مهمة لبناء صيني -عربي مشترك ل "الحزام والطريق". ثالثا، إحراز الجانبين تقدما في تنفيذ مشروعات التعاون في القدرة الإنتاجية تم تشييد المرحلة الثانية من مشروع السكك الحديدية فائقة السرعة بين أنقرة وإسطنبول الذي أنشاته شركة صينية في تركيا. وتم تدشين مصفاة "ياسرف" لعملاقي صناعة النفط أرامكو السعودية وشركة سينوبك الصينية في يناير عام 2016، وتبلغ الطاقة التكريرية لهذه المصفاة 400 ألف برميل يوميا (حوالي 20 مليون طن سنويا). وتعتبر مصفاة "ياسرف" الأولى من نوعها لشركة سينوبك في الخارج، وأكبر مشروع استثماري للصين في السعودية. كما قد تم إكمال بناء المرحلة الأولى من المشروع والتي تبلغ مساحتها 1.34 كيلومتر مربع قبل سنوات، وأزيح الستار عن المرحلة الثانية لمشروع المنطقة والتي تبلغ مساحتها كيلومترين مربعين في يناير عام 2016 أيضا. وتجذب المنطقة أكثر من 100 شركة صينية في صناعة المنسوجات والملابس والمعدات النفطية والدراجات النارية والطاقة الشمسية، إلخ، وستوفر هذه الشركات أكثر من عشرة آلاف فرصة عمل في مصر. وبالإضافة إلى ذلك، تم افتتاح المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا وتوقيع اتفاقية التعاون بشأن تشغيل نظام بيدو للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية وتأسيس مركز التدريب للطاقة النظيفة وغيرها من المشروعات. رابعا، تعزيز الدعم المالي المتبادل بين الجانبين أصبحت عشر دول في الشرق الأوسط من الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهي قطر، عمان، الكويت، السعودية، الإمارات، الأردن، مصر، إيران، تركيا وإسرائيل. هذا من جانب، ومن جانب آخر، فتح البنك الصناعي والتجاري الصيني فروعه في دبي وأبو ظبي والدوحة والكويت والرياض وإسطنبول. كما وقعت الصين اتفاقيات مقايضة العملات الثنائية مع الإماراتوقطر. وخصصت الصين قروضا خاصة بدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار تستخدم في مشروعات تعاونية مع دول المنطقة في مجالات الطاقة الإنتاجية والبنية التحتية. خامسا، التبادلات الثقافية بين الجانبين نشطة حددت الصين والدول العربية، عام 2014 وعام 2015 كعام للصداقة الصينية - العربية، وأقيم في إطاره المنتدى الصيني - العربي لوزراء الثقافة، والدورة الثالثة لمهرجان الفنون العربية والدورة الأولى لمنتدى المدن الصينية والعربية. ووصل عدد الطلاب العرب الدارسين في الصين إلى 14 ألف شخص إلى حد نهاية عام 2015. ومع التطور السريع لتدريس اللغة الصينية في الدول العربية، فتحت الصين 11 معهد كونفوشيوس و3 فصول كونفوشيوس في 9 دول عربية. وتخطط الصين تنظيم فعاليات تبادل ثقافي واسعة النطاق مع دول الشرق الأوسط كل سنة، ونظمت ندوات مختلفة أيضا، ما يلعب دورا متزايد الاهتمام لتعزيز التبادلات الشعبي بين الصين ودول الشرق الأوسط. *نائب الرئيس السابق للجمعية الصينية للدبلوماسية الشعبية، السفير الصيني السابق في الشرق الأوسط وكبير الباحثين في الصندوق الصيني للدراسات الدولية