لم يكن الأمر السامي الكريم لخادم الحرمين الشريفين بتمكين المرأة السعودية من الخدمات دون اشتراط موافقة ولي أمرها، سوى خطوة تاريخية على طريق التغيير المجتمعي الذي يقوده القائد الرمز، لتحديث المجتمع في مرحلة مفصلية من تاريخه. هذا الأمر التاريخي من وجهة نظر كل وطني منصف يعيد ترسيخ منظومة الحقوق الواجبة لكل شرائح المجتمع وعلى رأسه المرأة السعودية التي لا ينكر أحد أنها تتحمل عبئاً كبيراً في إقرار التنمية والنهضة الوطنيتين بشكل مسؤول ولا يخفى على أحد، وبما يعيد الاعتبار للمرأة/ نصف المجتمع الفاعل والشريك الأساسي في كل محطاتنا التنموية حاضراً ومستقبلاً.. خاصة وأننا جميعاً كمواطنين نعلق أملاً كبيراً على استراتيجية 2030 التي تستنهض كل العناصر والمقومات البشرية لدينا للتفاعل معها وتحقيقها بواقعية وجدارة. ولا أشك لحظة، أن يوم إقرار مثل هذا الأمر السامي، هو يوم تاريخي بكل المقاييس ولن تنساه المرأة السعودية في مسيرة تطورها العملي على الإطلاق، لأنه أوقف كل العراقيل والاجتهادات الشخصية المتفاوتة في التعامل مع المرأة ككيان طبيعي له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات من جهة، ولأنه ضمن لها كل أدواتها المستحقة عبر أعلى مرجعية في البلاد، والتي كانت الكثير من المرافق والهيئات تتلكأ في منحها هذه الأدوات بسبب أو بآخر، وكل هذه الأسباب للأسف لم تكن منطقية أو واقعية تتماشى مع منظومة التطوير التي نشهدها في وطننا وسبَّبت لنا الكثير من الإحراجات والصور المسيئة. نحن الآن أمام إرادة سياسية محنكة وحكيمة، انتصرت للحق الإنساني بوعيٍ داخلياً، وحسمت واحداً من أشد الملفات جدلاً على المستوى الاجتماعي بحزم وعزم يماثل إرادتها الفائقة في التعامل مع المتغيرات المتعددة إقليمياً ودولياً، ووضعت للمرأة السعودية بوصلتها الاعتبارية كاملة الأهلية لاتخاذ قراراتها فيما يخص شؤونها وتصريف حياتها باستقلالية كاملة في ظل شريعتنا الإسلامية التي نفتخر فيها. وعلينا أن نفهم أن انتصار القيادة لمكون رئيسي من مكونات المجتمع، هو استمرار للنظرة الجدية والتعامل الجذري مع أية عوائق تعرقل مسيرة التقدم والنهوض بهذا الوطن، وحسم القضايا الاختلافية تقليدياً من جذورها، إنما هو انتصار آخر لوقف حالة الجدل والتصارع، من أجل اكتمال المسيرة ونضجها بشكل موضوعي يهدف لتحقيق الصالح العام لكل المواطنين، ويرسم مساراً واعياً يقوم على التكافؤ والكفاءة على كل الأصعدة، ويجعلنا نعي أننا أمام حالة جديدة تستنفر الهمم وتفجّر الطاقات وتتغلب على كل الإشكاليات والعقبات. هنيئاً لبنت بلدي هذه الخطوة، وهنيئاً لنا بهذا النموذج الرائع من القيادة التي تتلمس نبض مجتمعها وتتحسس همومه وتعمل مخلصة من أجل كل أبنائها وبناتها، بعيداً عن المزايدة والثرثرة والاتجار. وقفة: ..التواصل الذي يجذره أمير الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز ونائبه الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز مع المواطنين في لقاءاتهما اليومية إنما تجسّد صورة التلاحم بين القيادة والمواطنين ويؤكّد سياسة الباب المفتوح الناجحة في هذا الوطن.