تعرف بيئة المدارس الحديثة بأنها هي التي تنشد في تأسيسها وبرامجها وأهدافها أقصى درجات الإبداع والتفرد، والابتكار عبر تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأحدث طرائق التدريس، وشتى المفاهيم الحديثة التي يوصي بها صناع السياسات التعليمية في مجال التربية مثل القيادة الموزعة والكفاءة الذاتية؛ بهدف إشباع حاجات المتعلمين الجمالية، وأقصى درجات الإدراك المعرفي حيث تتوافر مهارات الفهم والتطبيق وتحليل المشكلات والحكم على الأشياء والإبداع والنقد والتفكير الابتكاري. ويأتي برنامج بيئة التعلم الابتكارية (ILE Program) وفي محاولة لتبسيطه، سنركز على مبررات تأسيسه مثل التطور التكنولوجي والعلمي ومتطلبات سوق العمل، وطبيعة تصميمها التي تشمل إدخال تكنولوجيا العصر الحديث، وربط المحتوى المدرسي بالمجتمع والعالم المحيط، والتكامل والتعاون بين جميع عناصر العملية التعليمية في القيادة والتوجيه، وتنفيذ رؤية المدرسة وأهدافها، واستغلال إستراتيجيات التدريس الجديدة، والتقييم النشط لمخرجات التعلم، ونشر ثقافة التعلم التعاوني، وأخيراً إعداد ملف إنجازات "بورتوفوليو" لكل طالب باعتباره بنية ابتكارية لها قدراتها المميزة التي تختلف عن الآخرين، وطرقها المفضلة في التعلم لتشكل في النهاية البيئة المحيطة للنظام التعليمي بكل مكوناته، أو البيئة المدرسية المتغيرات المعرفية أو البحثية، التقنية أو المعلوماتية، الاقتصادية، السياسية، والثقافية. وقد تتفاعل هذه المتغيرات وتتداخل مع بعضها البعض لتشكل في النهاية البيئة المحيطة للنظام التعليمي بكل مكوناته، أو البيئة المدرسية، التي من المفترض أن تلبي احتياجات الأجيال الجديدة وتطلعاتهم المستقبلية، وتتماشى مع ما تفرضه تلك المتغيرات العالمية من تحديات عميقة ومضامين عديدة ذات صلة بنظم التعليم والقيادة التربوية وإعداد المعلم ومدى الابتكارية المنشود، ومن أبرز هذه التحديات البحث والتطوير، والمعلوماتية، والتنافسية الاقتصادية، والديموقراطية والمواطنة، والمعيارية والتعددية الثقافية، وكل ما سبق، يمس مكونات النظام التعليمي وشكل المدرسة الحديثة في بنائها ورؤيتها وأهدافها وعناصرها ومخرجاتها. لقد أصبح بناء النظم التعليمية على مستوى عالٍ من الجودة والتنوع لتتوافق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي في القرن الواحد والعشرين؛ كأولوية عليا لدى معظم الشعوب والدول المتقدمة، التي تدرك جيداً حجم التحديات الحالية التي تواجه النظم التعليمية خصوصا التأثير فائق السرعة والقوة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وشيوع الطابع التسويقي على التعليم، وتقديمه كسلعة تجارية، واستثمار في عقول الأجيال، ما دفع أصحاب السياسات التعليمية والخبراء التربويين إلى تقديم صورة حية للمدارس النموذجية التي تلبي رغبات العاملين في الحقل التربوي وترضي طموحات متعلمي الألفية الثالثة، حيث لا مكان للتقليديين وسُبلهم القديمة!