بعد ما جرّه "الخريف العربي" من أحداث حولت العالم العربي إلى صورة مشوهة قوامها التفتت، والانشطار في الروابط، وعدم الوضوح في المواقف التى يتحتم أن تكون واضحة وصارمة وقوية أمام الأعداء الذين يريدون أن تظل الأمة العربية هشة أمام دول تدعي القوة، ومنظمات ممونة من عدو تقليدي صرّح من أول تمكنه من الاستيلاء على مقاليد الأمور في "بلاد فارس" أن يناصب العداء لكل ما هو عربي.. ف"الخمينية" الداعية إلى تصدير الثورة عملت ومازالت تعمل طيلة العقود التي تمكنت منها من الهيمنة على الشعب الإيراني، وقمعه بالحديد والنار، ونصب المشانق لمن يريدون التخلص منه بتهم معاداة الثورة، وهي حقيقة مطالبات شعبية بالعيش الذي يضمن للفرد القوت الذي يتغذى به المواطن، الذي فقد الأمن والأمان، وخضع لمرتزقة وأزلام الحرس الثوري، الحارس الخاص بالمرشد والمؤتمر بما يملي عليه، وما يتوهمه في خيالاته المستمدة من الأساطير والأحلام ومحاولة جعلها من الحقائق والمسلمات الدينية، وهي تبعد عن الروح الإسلامية في مخالفات كثيرة إذْ تقلب فيها الأدلة والبراهين، وتتعدى إلى التطاول على الخلفاء الراشدين، وتبيح السب والشتم العلني لهم، ومايصاحب ذلك من خرافات. هذا جزء بسيط من المفاهيم الوهمية، ثم إن الأنكى أن "إيران" والقائمين على تسيير الأمور فيها لا حول لهم ولا طول فيما يقرره "المرشد الأعلى" فهو الآمر الناهي، ومن خالفه جاز هلاكه ومن يؤازره، فالمرشد كما سابقه أعلنها صراحة بأن العرب لا مكان لهم في إيران، ومن بقي في الأحواز فرضت عليهم اللغة الفارسية، وهمشوا كأن لم يكن لهم أي وجود، وفي خارج إيران صرح بكل بجاحة وصفاقة بأن أزلامه ومرتزقته الذي يعيثون ويدمرون ويحرقون في سورية ويتصرفون فيها كما يحلو لهم، يوزعون الشعب في المناطق التي يراد منها أن تكون مقرات لهم، ومن يتعاون معهم، ويُهَجِّرون السكان العريقين الذي تناسلوا وتوالدوا وبنوا وزرعوا وتوارثوا، وفي عملية يحسها ويشهدها العالم ينقلون ويبعدون ويبادون، والعالم يقف متفرجاً لا يحرك ساكناً، حتى المساعدات الإنسانية تنهب لتكون لمن يُحْرق ويدمِّر، أما العاجز والصغير والمسالم فالحرمان من ورائه ومن أمامه. تستقوي إيرانبروسيا التي جاءت لمصالح اقتصادية وسياسية في محاولة لاسترجاع ماض فاشل، لمساعدة جماعة قبضت وسيطرت على شعب عريق، "تمصلحت" ومن يؤازرها على حسابه سنوات عديدة، فعمل طيران وسلاح روسيا إلى جانب جيش الملالي على تدمير المدن السورية التاريخية بالرغم من المقاومة التي اعتمدت على ما تملكه من روح وطنية وجابهت، ولكن بالرغم منها تراجعت في بعض المناطق لأنها تحارب ثلاثة جيوش نظامية "الحرس الثوري، الجيش والطيران الروسي، وما يسمون أنفسهم حزب الله الذي يفوق سلاحه سلاح البلد الذي ينتمى إليه"، وكل هؤلاء يحاربون بقوة السلاح المقاتلين السوريين الذي يذودن عن وطنهم حسب إمكاناتهم، فجابهوا، وصمدوا، وخُدعوا ببعض من اخترقهم عن طريق الدس الرخيص الذي تجيده "دولة الفرس" المستقوية بالروس الذين كثيراً ما تورطوا في مواقف أيام الاتحاد السوفيتي المنهار، وما تحاوله الرئاسة الحالية بتحركاتها على الضعفاء. وعندما جاءت الضربة الأميركية، أخذت تلجأ إلى المماطلة متراجعة في الميدان، ومتنمرة على المنابر في استعمال حق النقض، وهذا هو سلاح الروس اليوم أمام السلاح الأميركي الضَّارب الذي قال رئيسه "ترامب" وفعل، ومازال يحذِّر ويعمل، وإيران تتوعد بأن ترد عوضا عن روسيا، ومعروف أن "دولة فارس" سلاحها هو لحرب الداخل، ومرتزقتها للخارج، وإجادتها في التخطيط للإرهاب، واحتضانها وتفريخها له، وبثه في دول الجوار وما وراء الجوار، فكل عملية إرهابية لو تتبعت بدقة لوجد أن إيران ضالعة فيها، فهي دولة جبلت على الدسائس والمؤامرات يدفعها حقدها التاريخي للعرب، وللعالم لاعتقادها أنها "الدولة النموذج" كما يتخيل ذوو العمائم بواسطة أحلام "المرشد الأعلى" السابح في الأوهام، تحت مظلة روسيا التي تداوي الناس وهي عليلة، خاصة بعد نفاد هشاشة "أوباما" وحلول صلابة "ترامب"، وما حققته حملة الحزم، وإعادة الأمل، في اليمن الشقيق الذي عانى ويعاني من متمردي الحوثيين متسولي إيران، والصدمة التي تلقوها من ضربات التحالف وما تحرزه الشرعية كل يوم من تقدم لحسم الأمور في مصلحة الشرعية المؤيدة من دول المنطقة، والعالم العامل على السلام.