حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي – في خطبة الجمعة –من صناعة الأثر السيئ الذي يضر مجتمعه ويهتك ستر وطنه , وينتهك حرمة أمته لما يحدثه من إغواء وخداع وتزيين السوء من خلال مواقع إلكترونية يزين بها الشهوات أو منصات ينشر منها الشبهات والدعوة للإثم والعدوان أو ترويج للجرائم أو قنوات مخلة بالآداب والأخلاق , وقال : يموت صانع الأثر ويبقى أثره وزرا عليه , قال تعالى : " ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم ". وتحدث الشيخ الثبيتي عن الأثر الحسن قائلا : ظهور أثر المسلم في حياته وبعد مماته من عاجل بشارات توفيق الله وقبوله سبحانه وتعالى ، ومجالات صناعة الأثر متنوعة وأشكاله متعددة ، يختار كل فرد منها ما يلائم إمكاناته وما يتوافق مع قدراته ومواهبه كما كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالعاقل الحصيف اللبيب هو الذي يترك أثراً بعد الرحيل قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ ، وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ ). وأضاف : من سمات صانع الأثر أنه يجعل الآخرة نصب عينيه ويبني باطنه وظاهره ويزكي نفسه وعمله ويوافق قوله فعله قال تعالى : (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) , مشيرا إلى أن أن من سمات صانع الأثر أن مبادئه وقيمه راسخة وحياته متوازنة ، ينطلق واثقاً من نفسه معتزاً بهويته ، والذين يتركون أثراً في الناس والحياة هم الذين يزرعون المحبة والألفة في القلوب. وتابع : هناك من يصنع أثرا له بريق لكنه مجهول الطريق لا هدف من ورائه ينشد ولا قيمة فيه تؤسس , محتوى زائف , ومبنى زائغ , وأفظع من هذا أن يحدث الأثر خرابا , ويثمر دمارا , ويفسد أخلاقا " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" , يضيع أثر الأثر وقيمته بجرأة صاحبه على معاصي الخلوات والجهر بمعاصيه , قال صلى الله عليه وسلم : " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا " , قال ثوبان : يا رسول الله , صفهم لنا , جلهم لنا ألا نكون منهم ونحن لا نعلم , قال : " أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ".