ربما سمع البعض عن وجود ظاهرة الهيكيكوموري في اليابان و( الهيكيكوموري ) هو مصطلح ياباني يعني حرفيًا:(الإنسحاب والتقوقع) وظاهرة الهيكيكوموري تعبّر عن الإنسحاب الاجتماعي أو العزلة لدى المراهقين والبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 - 30 عام ، ووزارة الصحة اليابانية أطلقت هذا المصطلح عليهم لأنهم يرفضون الخروج من منازلهم، ويرفضون التفاعل مع المجتمع، وينعزلون في منازلهم لفترة زمنية طويلة تزيد عن ستة أشهر. وقداتضح إحصائياً انتشارها الكبير في اليابان والدول الأخرى مثل الصين وإسبانيا وبعض الدول الأخرى بسبب: * التأثيران النفسي والثقافي السلبيان اللذان يشعران الشاب بضرورة انسحابه من مجتمعه لأنه يواجه ضغوطاً كبيرة تعيقه عن النجاح في أول حياته الدراسية أو المهنية، ومما يثير الدهشة أنها أكثر شيوعاً في الطبقات المتوسطة وهي الطبقة الأكثر تعلماً! - وهذا يجعلنا في حيرة وتساؤل مالذي يجعل هؤلاء الشباب يفضّلوا التفاعل مع التقنية والقصص المصورة أكثر من التفاعل مع أفراد مجتمعهم وتحقيق أهدافهم؟ في حين أكّد الأطباء أن هذه الظاهرة ليس لها علاقة بالكسل أو الإهمال! -الجواب واضح بل ويؤكد وجهات النظر الاجتماعية التي تندد بخطر البطالة في المجتمعات باختلاف ثقافاتها، وضرورة وجود عنصر محفز يلهم ويشجع الشباب لمواصلة طريقهم للنجاح، لأنه أكبر دافع يجعل الإنسان يبني له حياة افتراضية بعيداً عن واقعه، هو عدم تحقيقه لذاته وشعوره بعدم الأمان والاستقرار، وهي أهم العوامل الاجتماعية الفسيولوجية المهمة في الحياة الإنسانية، كما أن من أهم أسبابها هو انعدام مهارات الاتصال بين الفرد ومجتمعه بحيث تجعله منغلقاً، ويفضّل العزلة على الاصطدام مع الآخرين، كما ذكر الناقد شواتي كاتوفي متحدثاً عن سيكولوجية الشعب الياباني قائلاً " الأنا يعتبر الآخر بيئة فزيقية فقط، ولايعتبره وجوداً موضوعياً حياً مثله،" وهو يقصد أن العلاقة بين اليابانيين ضعيفة لأن الفرد الياباني منطو على نفسه لا يرى أن الآخر موجود وجوداً حياً مثله تماماً، وهو ما ينطبق على غالبية الشعوب عامة، واليابان خاصة، وهذا مايجعلنا نكرر ضرورة الاهتمام بالشباب المقبلين على الحياة، وأن لا نجعلهم ضحية ضعف الصلة والموارد والحوافز، كما أن بيئات العمل مسؤولة عن هذه الظاهرة التي قد تهدد مجتمعنا قريباً في حال زادت نسبة البطالة فيه، واستمرت الجهات المسؤولة بتهميش متطلبات الشباب وأدوارهم في المشاركة السياسية، وإن كان لهم دور جيد على مستوى التنظير ولكن يجب أن تعي الحكومات فاعلية وجودهم على مستوى الواقع ، وضرورة توفير بيئة صحية مهنية آمنة وملهمة ومقنّنة تمنحهم الفرصة وتسمح لهم بالعيش في عالمهم الحقيقي بدون معوقات.