حثّ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين على مكارم الأخلاق، ودعاهم إلى المحبة والتآخي والتعاون فيما بينهم، وأن يكون المؤمن طيب اللسان بعيداً عن الفحش في القول والعمل. إلا أن الملاحظ تهاون البعض فيما يجري على لسانه، فتراه يسب ويشتم ويلعن، بل يستسهل اللعن في كل صغيرة وكبيرة من أمره. وهذا بلا شك ليس من خُلق المؤمن الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بالطّعان ولا باللّعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء). وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم: (لا يكون اللعّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة). فيه بيان لخطورة اللعن، فالذي يلعن يمنع من الشهادة والشفاعة يوم القيامة، قال النووي رحمه الله: فيه الزجر عن اللعن.. لأن اللعن في الدعاء يراد بها الإبعاد من رحمة الله تعالى، وليس الدعاء بهذا من أخلاق المؤمنين الذين وصفهم الله بالرحمة بينهم والتعاون على البر والتقوى، وجعلهم كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وكالجسد الواحد، وأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فمن دعا على أخيه المسلم باللعنة فهو من نهاية المقاطعة والتدابر.. وأما قوله صلى الله عليه وسلم إنهم لا يكونون شفعاء ولا شهداء فمعناه: لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار، ولا شهداء.. فيه ثلاثة أقوال أصحها وأشهرها لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات. فلا يجوز للمؤمن أن يلعن، وليُعوّد لسانه على الذكر الحسن والألفاظ الطيبة، وليكن قدوة لمن حوله.. وعلى الآباء تربية أبنائهم بعيداً عن تلك الألفاظ، فالطفل يكبر على ما عوّده عليه أبواه.. وصدق القائل في محكم التنزيل في بيان لجميل صفات المؤمنين: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما). * جامعة الملك خالد