لم يكن إعلان سمو ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، عن البدء في تنفيذ مشروع «القدية» الترفيهي، إلا ترجمة واعدة لرؤية 2030 الإستراتيجية التي تتضمن النهوض بالإمكانات الثقافية والرياضية والترفيهية بالمملكة، وإبرازها كتحدٍ رئيسي نعلق الآمال عليه كخطوة وطنية أساسية تحول المشروع إلى عاصمة سياحية متعددة الأهداف والمنطلقات. وعلى مساحة تبلغ 334 كيلومتراً مربعاً، تتأسس النقلة النوعية في سياسة بناء الحضارات، المرتكزة على الثقافة والرياضة والترفيه والفنون والاقتصاد، والتي تجمع عدة مدن في مدينة واحدة، غايتها أن تكون الوجهة الرئيسية الأولى في مجال الترفيه والسياحة في العالم.. وتبدأ في ترسيخ البيئة الجاذبة التي تستوعب عشرات المليارات التي ينفقها ملايين السعوديين سنوياً في الخارج، وتعيد ضخها في الاقتصاد المحلي عبر مشروع أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية نوعية في العالم، ومقرها الرياض، بما يوفر آلاف الوظائف أولاً، ثم بما يسد حاجة جيل المستقبل من عناصر المتعة والترفيه والسياحة وفق أحدث المعايير العالمية. اللافت -في نظري- ليس مجرد استقطاب أكثر من 7 ملايين سائح سعودي سنوياً، أو تقليل هدر الإنفاق في الخارج والبالغ متوسطه 20 مليار دولار واستيعابه محلياً، ولكن الأهم، هو ذلك التفكير الاستراتيجي في كيفية تحويل التراب أو الرمال إلى ذهب، من خلال مشروعات تنمية مستدامة في منطقة فضاء غربي العاصمة الرياض، لا تدر عوائد ولا تحمل قيمة تذكر، إلى أكبر مدينة ترفيهية ورياضية وثقافية في العالم، بقيمة تقدر بعشرات مليارات الريالات، وفق رؤية اقتصادية تعزز استقطاب استثمارات أو تجتذب إنفاقات وتشجيع رؤوس أموال على العمل وخلق قيمة اقتصادية مضافة بطرق وأساليب فعالة ومبتكرة. وبعيداً عن التفاصيل المتشعبة لمشروع «القدية» الواعد، الذي يبدأ من خلاله صندوق الاستثمارات العامة، تنفيذ أسلوبه المبتكر، فإنه يكفي أنه يضم أربع مجموعات رئيسة، هي: الترفيه، رياضة السيارات، الرياضة، الإسكان والضيافة.. يمكن -حسب الدراسات المبدئية- أن تضيف قرابة 4% للناتج المحلي السعودي. نحن إذاً على موعدٍ مع نموذج جديد للتحول الوطني، يعيد الاعتبار للإمكانات والقدرات الذاتية بما يضمن صياغتها استجابة للحاجة الوطنية، وبما يلبي تطلعات المواطن، ومعه الحكومة أيضاً، والأهم بما يؤكد أننا لا نقل عن الآخرين قدرة ولا استجابة ولا تفرداً في كيفية صناعة المستقبل. في الختام أقول شكرًا لسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.. فإن القدية بالفعل حلم.. وتحدٍ لنا جميعا. وقفة تستوقفني دائما تلك الرؤى والأفكار التي يطرحها بين حين وآخر الأستاذ الدكتور عادل علي الشدي فهي أفكار تخرج من القلب إلى كل القلوب التي تخشى الله.. ما أروع هذا الرجل، فلا عجب فوالده نموذج للأخلاق والمثل.