سعدت كثيراً كمواطن سعودي، بما أعلنه الأستاذ والزميل سلطان البازعي، قبل أيام وعلى هامش ختام المهرجان الذي أقامته جمعية الثقافة والفنون بالدمام، في دورته الرابعة، إلى مؤسسة باسم "أفلام السعودية" تكون مؤسسة استثمارية لصندوق الفنون السعودي وتعمل على تطوير الفيلم السعودي والتدريب والتوزيع والإنتاج على أسس اقتصادية. وإذا كان هذا النجاح، يُجيَّرُ بالطبع لجمعية الدمام، ورئيسها الزميل الشاعر أحمد الملا، إلا أن اللافت كان تلك الشراكة المبهرة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي وبدعم خاص من وزارة الثقافة والإعلام والذي تبلورت فيه كل هذه الجهود عبر الحفل الرائع الذي أقيم في خيمة إثراء بمدينة الظهران لتوزيع الجوائز على كل الذين أثروا الإبداع بطفرة تستحق التقدير والإعجاب، وتنبئ بمستقبل واعد ضمن الأطر والأخلاقيات المتعارف عليها في هذا الوطن. هذه النقلة غير المسبوقة، والتي استطاعت جمعية الثقافة والفنون بالدمام الانفراد بها، تؤكد القدرة على تحريك المناخ الفني والثقافي في المملكة، بما يعيد إليه الحيوية والتدفق ضمن المنظومة الإبداعية التي نرجوها جميعاً، لتكون حجر أساس يمكن البناء عليه في تحقيق نهضة فنية وفكرية تعكس المخزون الثقافي الجميل والمتعدد بكل فنونه وآفاقه، الذي نمتلكه بكل ثراء وتنوع في كافة مناطقنا ومدننا، وتكشف زيف الكثير من الأقنعة التي تحاول حصار عقولنا وتجميدها بما يخالف روح العصر وإيقاعاته الفكرية والثقافية بكل مجالاتها المتعددة. ورغم أني لم أتشرف بالتواجد وحضور هذه الفعاليات التي استمرت خمسة أيام وشملت 58 فيلماً، والورش التدريبية التي قدّمت 1700 ساعة تدريبية، بالإضافة إلى فعالية سوق الإنتاج وعروض أفلام طلاب المدارس، إلا أن ما قرأته عنها في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، وتابعته عن قرب خلال 10 سنوات في فترة عملي بالمنطقة الشرقية، رأيت فيها زخماً جديراً بالاحترام، لا يحتاج إلا إلى فرصة للظهور والتعبير عن نفسه، سواء في النادي الأدبي بالمنطقة، أو في جمعية الثقافة والفنون، هذا عدا الكثير من الأصوات المبدعة فكرياً وثقافياً وفنياً، ويتقدمهم جيل الرواد بالشرقية بالتأكيد. ومن المهم للغاية، أن يكون ما قاله الزميل سلطان البازعي المشرف العام على المهرجان، من أن التنسيقات وصلت إلى مرحلة متقدمة بخصوص عرض مجموعة من الأفلام السعودية في عدة عواصم عالمية، بدءاً بباريس وواشنطن في الصيف القادم، بدعم من وزارة الخارجية وسفارات المملكة في دول العالم.. بداية مبشِّرة تضع الفن السعودي -وخاصة جانبه السينمائي تحديداً- على الخارطة العالمية، متجاوزاً عراقيل اجتماعية ونمطية عديدة، ولكنها في كل الأحوال تؤسس لمرحلة انفتاح نحتاجها بشدة ضمن أطر تقاليدنا وقيمنا العامة، خاصة في وقت تحاصرنا فيه دعوات الانغلاق والتحجر. أعتقد أنها خطوة مهمة، سيسجلها التاريخ الحديث في مسيرة حراكنا العام، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.