قيل في الأثر: "من أطال الأمل أساء العمل" حكمة تصف حالنا ونحن نقف أمام الأرقام التي كشفتها "نشرة سوق العمل" التي تقرأ واقع القوى العاملة في المملكة.. ترى هل الحلول التي تطرح من قبل الجهات المعنية بالتوطين غير ناجعة، أم أن مشكلة البطالة متراكمة، وبالتالي فإن الحلول التي تبنتها وزارة العمل وقطاعات أخرى مساندة قد "أطالت الأمل". القطاع الخاص بكل مكونات: التجزئة، والصناعة، والاستثمار، والمشروعات الصغيرة.. هو أساس الحل والمشكلة، فرغم أن عليه مسؤولية هامة في التوطين، خاصة قطاع التجزئة المستوعب الأول للقوى العاملة.. إلا أن مرحلة التحولات السريعة، والقرارات المتتالية، والتنظيمات الخاصة بسن رسوم وضرائب وضعته أمام حالة من عدم الاتزان التي -قد- تخل بأولوياته وتحقيق أهدافه.. وهذا الأمر يتضح بالارتفاع الواضح في الربع الرابع من 2016 في نسبة البطالة عن الثالث بمعدل 0.2%. إن النمو الاقتصادي الحقيقي هو المستوعب للقوى العاملة، مهما كان مستوى وقيمة تنمية الموارد المالية.. فإن التنمية البشرية هي القياس الحقيقي لقوة الاقتصاد.. وهنا أتحدث عن استدامة التوطين وليس مجرد التوظيف في القطاع الخاص -الشركات الكبرى في المملكة مثال جيد للاستدامة- لكن ماذا عن وضع المرأة السعودية الراغبة في العمل؟ للأسف.. إن مشكلتها شكلت ثلاثة أرباع أرقام البطالة، أو الباحثين عن عمل بنسبة بلغت 80.6% مقابل 19.4% للذكور.. ترى لماذا؟ عندما نتحدث عن القطاع الحكومي فإن جميع قطاعاته تقريباً -عدا التعليم- أسست وعملت وخططت وظائفها في السنوات الماضية لاستيعاب القوى العاملة من الرجال فقط، أما القطاع الخاص فقط واجه -في السابق- عقبات كبيرة في توظيف المرأة نتيجة عدم وجود أنظمة تقنن عملها وفق آلية تدرك خصوصيتها، واحتياجات المجتمع وتباين ثقافته.. القطاع الخاص الذي يستوعب اليوم أكثر من 10 ملايين مقيم في وظائف متنوعة عليه مسؤولية في استيعاب حوالي مليون سعودي وسعودية، لكن على الجهات الحكومية المعنية مسؤولية دعم هذا التوجه، بالحفز، والتشجيع، ومنح مزيد من المميزات، وحتى التقدير.. نعم سن القوانين المُلزمة للتوطين ضرورة، ولكن يجب أن لا يستوي الذي يعملون والذين لايعملون.. في المقابل فإن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة المستوعب الأول، والأكبر للقوى البشرية لايزال في مرحلة البداية، يجب أن تخرج الهيئة الوليدة للمنشآت الصغيرة بحلول سريعة ومن ذلك حوافز جاذبة للشباب والشابات مثل إعفاء الشركات الصغيرة من سلسلة الرسوم التي تبدأ بالتصاريح ولا تنتهي عند "البلدية".. وإطلاق جائزة وطنية تدعم، وتكرم المبدعين من أصحاب تلك المشروعات الوطنية. أخيراً.. الرسالة للشباب والشابات.. فإن البداية الصغيرة تصنع المعجزات، والعمل الحر كان أساس وبداية كل الناجحين في العالم، وكما يقول المثل الصيني: "أعلى برج في العالم، يبدأ من سطح الأرض"، يجب أن نعمل بجد ليكون الطموح عملاً حراً، بدلاً من وظيفة..