عندما نعرّف معنى الانتماء نجد أنه بكل اختصار هو الارتباط والتمسك، حيث إن ارتباط الفرد بمكانه يجعل منه مطوراً وباحثاً وناقداً يعمل دائماً على تحسينه وتنظيمة وتفسير كل العمليات الخاصة التي تؤدي لبقائه، ومع مرور الوقت يبني هذا الاتصال المباشر في داخله مكونات وجدانية ترفض التخلي عنه مهما كانت المغريات المادية والمعنوية من الجهات الأخرى، وإذا أردنا تخصيص هذا المفهوم في بيئات العمل لدى الموظفين نجد أنه يقل نسبياً عند البعض، وأهم الأسباب في ذلك عدم اتخاذ التدابير اللازمة من الإدارات العليا والمنفذة لتوفير الدوافع التحفيزية التي تحرك الباعث الداخلي للموظف في تحقيق الإبداع خصوصاً في المرحلة المتقدمة من مرحلة الإنجاز التي يقيّم من خلالها للحصول على الترقية والمزايا التي يرجوها ،وقد أثبتت الدراسات الإحصائية الحديثة أن من أهم أسباب تعزيز الولاء لدى العامل توفُّر جميع العوامل المرتبطة بالتوجهات الإدارية الإنسانية التي تجمع بين النمط الإنساني المشارك والقيادي الموجه المحافظ على المعنويات المرتفعة لدى العاملين وأدائهم الذي يحقق الكفاءة والجودة المطلوبة. في هذا السياق أود التركيز على بعض موظفي القطاعات الحكومية والخاصة الذين يجهلون ثقافة الانتماء لبيئات عملهم وربما يكون العائد الأساسي في ذلك الأسباب التي ذكرت أعلاه، بالإضافة إلى الصفات الشخصية لهم، فالبعض يكتفي بالمهام المطلوبة منه في قائمة الوصف الوظيفي دون أن يكون في اعتباراته الفكرية أي مجال للتطوير، وتجده دائماً يسعى للفرص التي توفر له حق التأخير والغياب الذي قد يساهم في تعطيل العمليات المرتبطة بنظام العمل، ويتناسى حتى الحرمة الدينية في التحايل على الإدارة مقابل راتب مدفوع له للإنتاج خلال ساعات العمل المتفق عليها في عقده كاملة، وإنني أذكر في هذا الصدد أعظم دولة يمثل شعبها معنى الولاء الحقيقي والوطني وهي دولة اليابان حيث إن ولائهم لتطوير بلادهم جعلهم سعداء في خدمته على حساب راحتهم مما جعل الحكومة تدرس قراراً يجبرهم على أخذ إجازة خمسة أيام سنوياً. وحتى لانصبح غير منطقيين ونقدم مشكلة بدون حل فإنني أقدم هذا المقال لكل أرباب الشركات والعاملين فيها لتحدث موازنة بين الكفاءة من العامل والمكافأة من الإدارة حتى ننعم ببيئة عمل مثالية تجاري في جودتها بيئات عمل الدول المتقدمة.