إعلان وزارة الإسكان الأسبوع الماضي عن توجهها إلى سحب الأراضي من بعض مستفيدي برنامج الدعم السكني (أرض وقرض) في العاصمة الرياض، الذين ثبت بعد تحديث بياناتهم ضعف قدرتهم المالية على السداد، وتحويلهم إلى منتجات سكنية بديلة، في مقدمتها برنامج السكن الخيري، يعطي مؤشراً ودليلاً على أن هناك أسراً من المواطنين غير قادرة مطلقاً وفق ظروفها المالية الحالية على تملك مسكن، أو بمعنى آخر أن تكاليف امتلاك مسكن لهذه الأسر، التي هي في الغالب منخفضة الدخل، سوف يستقطع نسبة تفوق ثلاثين في المئة من دخلها، وبالتالي فإن الالتزام بسداد تلك التكاليف -إن رغبت في ذلك- سيكون على حساب احتياجاتها الأساسية الأخرى التي تستلزمها الحياة اليومية لكل أسرة. السؤال المهم هو كم نسبة هذه الأسر من بين كافة أسر المواطنين في المملكة، وما إجمالي عددها المتوقع.؟ بالتأكيد أننا في المملكة ربما لا نختلف بشكل كبير عن بقية الدول الأخرى في مجال إنفاق الأسر بما يزيد عن ثلث دخلها على السكن، الذي يصل في المتوسط عالمياً إلى نحو (25%) من تلك الأسر، الأمر الذي يجعل تقدير عدد الأسر السعودية المستأجرة لمساكنها التي تنفق أعلى من ثلث دخلها على السكن يصل إلى (300) ألف أسرة، وربما تجاوزت هذا العدد، خاصة إذا قارنا ذلك بعدد الأسر السعودية المسجلة في الضمان الاجتماعي التي تشير بعض الإحصائيات إلى أنها تزيد عن (450) ألف أسرة، والتي من المحتمل أن نسبة عالية منهم لا تملك مسكناً، وإن امتلكت بيتاً فهو في حالة متواضعة، وغير مناسب من الناحية الصحية استمرار الإقامة فيه، ومن ثم هي بالتأكيد غير قادرة على تحمل تكاليف امتلاك مسكن بالتمويل من البنوك التجارية ومؤسسات التمويل العقارية. إن تلك التقديرات، وإن كانت عامة وغير محددة، وتحتاج إلى تقصٍ ورصد دقيق من جهة اختصاص، إلا أنها تظل قادرة على أن تمنحنا مجالاً للرؤية وإمكانية تقييم مدى كفاءة برامج الدعم السكني، وبالذات شموليتها للأسر ذات الدخل المنخفض، التي نعلم جميعاً أنها بالتأكيد ليست داخلة في حسابات البنوك ومؤسسات التمويل، وفي ذات مستعصية على مؤسسات وجمعيات الإسكان الخيري بإمكانياتها المحدودة أن تشمل برعايتها ذلك العدد من الأسر المستحقة للدعم السكني، ليس للتملك، بل على الأقل للاستئجار.