خلف تلك الأسوار الشاهقة والأبواب الحديدية، تتقدم المواطنات بثقه عالية المشهد الأمني في وظائف كان دونها الكثير من التحديات والصعاب النفسية والمهنية إلا أنهن تفوقن وأثبتن بالجدارة والكفاءة الشيء الكثير ليصبح لهن الدور المحوري الهام والحضور الاستثنائي في مجالات حساسة ودقيقة، والأهم بأنهن نجحن في إيجاد ذلك التوازن بين عملهن الجاد وحياتهن الشخصية، وحقيقة من تمنحه الفرصة للالتقاء والقرب ممن يعملن داخل السجون يستشعر ويلتمس عن قرب تلك القدرة المهنية الفائقة والقوة المهيبة التي تفيض في ذات الوقت إنسانية ورحمة تجبرك قبل أن تغادرهن على كسر تلك الصورة النمطية التي طبعت في أذهاننا بأن من يعمل بتلك الوظائف لابد أن يكون فظاً غليظ القلب انتزعت الرحمة والرأفة منه إذ لم يكن لقسوة القيد ولا لوحشة السجن ورمادية أجوائه تأثير وانعكاس يذكر عليهن أو على تعاملهن مع النزيلات بالسجون بل كن مثالاً حقيقياً ل"السلطة الرحيمة" حول عمل المُلاحظات ورتبهن العسكرية كان ل"الرياض" زيارة لسجن النساء بتبوك للوقوف على أدوارهن وعطائهن الشجاع في أكثر الوظائف أهمية وتحدياً في القطاع النسوي.. مديرة السجن النسائي بتبوك: الملاحِظات العسكريات صمام أمان في البداية تقول الرقيب خديجة العطوي ملاحِظة عسكرية وحراسات ليلية -وعلامات الفخر والاعتزاز ترتسم على وجهها "بعد أن أتممت في العمل العسكري 16 سنة بدأتها برتبة جندي أصبحت أرى بعملي في هذا المجال رسالة وطنية دفعتني إلى إنجاز مهامها بالشكل الذي يعبر عن محبة الوطن والتفاني بخدمته"، وتعود الرقيب خديجة بذاكرتها للوراء مستشعرة قسوة المفردات والتعبيرات التي كانت تسمعها من المحيطين بها كمفردة "السجانة" مع أنه تم تغيير المسمى العملي لهن منذ سنوات طويلة إلى مسمى "ملاحظة عسكرية"، مردفة أيا كانت المفردات التي تصف عملنا في النهاية أصبح المجتمع اليوم أكثر تقبلاً وتقديراً لعمل المرأة في القطاعات الأمنية والشاهد على ذلك -كما تقول- هو زيادة عدد المتقدمات سنوياً رغبة في شغل الوظائف المعلن عنها في أي قطاع أمني. وفيما يتعلق بطبيعة العمل الصعبة والتكيف مع متطلباته وظروفه، أكدت أن التدريبات الدورية المتخصصة والمكثفة التي التحقت بها خلال فترة عملها ساعدتها لتكون مهيأة للتعامل مع مختلف المشاكل الواردة في كل السجون وأن الخبرة صقلتها ونمت قدراتها وفي ذات الوقت تبين بأن بيئة السجون النسائية تتسم بالهدوء والاستقرار إذ لا نواجه عادة أي متاعب بالعمل مع النزيلات. ويتواصل اللقاء بالجندي فاطمة مرزوق -ملاحِظة عسكرية وحراسات ليلية- التي أكدت في بداية حديثها أن قرار التحاقها بتلك الوظيفة لم يكن أمراً سهلاً مبينة أن شيئاً من الخوف والتردد وربما النفور أنتابها بعد أن تم قبولها والتحاقها بالعمل والسبب كما تقول مواجهتها لضغوطات واستهجان من أهلها ومجتمعها الذي لم يتخيل للحظة بأنها قادرة على تحمل أعباء العمل وعندها قررت التوقيع على رفض العمل وعدم مباشرته ولأن "من رأى ليس كمن سمع" تراجعت في اليوم التالي عن هذا القرار الخاطئ وسارعت في مباشرة عملها بكل حماس واعتزاز وذلك بفضل الله ثم بفضل أحد البرامج الحوارية الذي كان يسلط الضوء على طبيعة عمل الملاحظات العسكريات وكانت ضيفة البرنامج الاستاذة نوف العتيبي مديرة الإشراف النسوية بالمديرية العامة لسجون والتي استطاعت من خلال حديثها أن تغير وتصحح وجهات النظر السائدة. وتابعت -فاطمة- رغم قصر فترة عملي إلا أنني سعيدة بما اكتسبته من الخبرات بفضل التدريب والتطوير المستمر خاصة بعد أن أنهيت دورة اعمال السجون لمدة ثلاثة أشهر كما أن وظيفتي أضافت لي الكثير من المهارات الشخصية أبرزها الثقة بالنفس والجدية وأيضا رسخت بداخلي مبادئ الالتزام والانضباط، وقالت بأن ساعات العمل الطويلة هي أبرز المتاعب التي تواجههن. الرقيب العطوي: مجتمعنا أكثر تقبلاً وتقديراً لعمل المرأة الأمنية من جهتها أكدت الملاحِظة العسكرية برتبة جندي سالمة العطوي على أهمية ما تتلقاه الموظفات من دورات تدريبية مستمرة تساعدهن على أداء مهام العمل بكل اقتدار كما تكسبها الخبرات المتتالية القدرة على التعامل مع أي احداث وظروف طارئة مضيفة أن مبدأ التعامل بين الملاحظة والنزيلة ينبني على الرحمة والانسانية مهما كانت قضيتها أو حالتها النفسية و دون مخالفة الضوابط النظامية. مشيرة بأنها حديثة التعيين ولكنها سعيدة وفخورة بوظيفتها التي ترى فيها ضرورة أمنية وخدمة رفيعة لوطنها. فيما ترى أ. فاطمة الربعي -اخصائية نفسية وموظفة مدنية بالمرتبة السادسة- أن تعاملها مع النزيلة يكون على حسب حالتها وظروفها النفسية بغض النظر عن نوع القضية التي دخلت بسببها إلى هذا المكان وقالت إن الاهتمام بالجانب النفسي للنزيلة عامل أساسي لنجد لديها قبول وتعاون لإعادة التأهيل والاصلاح مبينة أن أغلب النزيلات تكون لديهن صدمات نفسية عند بداية دخولهن للسجن ولكن بفضل المتابعة والرعاية يتم التغلب عليها، وأشارت إلى ان النزيلات محاطات باهتمام كبير لتحقيق رسالة ورؤيا السجون والتي يأتي في مقدمتها التأهيل من عدة نواحي حياتية للتكيف مع المجتمع الخارجي كالتأهيل النفسي والاجتماعي والفكري والسلوكي كما يتم تطوير وتثقيف النزيلات وتنفيذ برامج ودورات ومحاضرات تثقيفية تطويرية لإعادة تأهيلهن ليكن عناصر فاعلة في المجتمع. وأشادت منيرة البيشي -مشرفة البيوت العائلية وموظفة مدنية بالسجون منذ عشرين عاما- بالدعم والتشجيع الذي تحظى به مسيرة المرأة الموظفة في كافة وظائف القطاع الأمني مردفه أن الاهتمام والرعاية يقدم أيضا على أكمل وجه للنزيلات ولعل أحدث ما قامت به المديرية العامة للسجون من خلال برنامج الزيارة واليوم العائلي كذلك تطوير وإنشاء وحدات جديدة "البيوت العائلية" وهي عبارة عن أجنحة فندقية تتوفر فيها جميع الاحتياجات الانسانية للنزيل أو النزيلة حرصا على أهمية استمرار الروابط الأسرية و العلاقات الزوجية. الجندي فاطمة: برنامج عن عمل المرأة بالسجون أعادني لوظيفتي من جانبها ذكرت سهام مبارك البحيران مديرة السجن النسائي بتبوك أن هناك عدداً من العاملات بالسجن ومنهن ملاحظات عسكريات يخضعن لنظام الوظائف العسكرية وتبدأ رتبهن العسكرية من رتبة جندي إلى أن تنتهي إلى أعلى رتبة وهي رقيب و تتلخص مهامهن بحراسات امن السجن ومرافقة السجينات إلى المحاكم والمستشفيات وكل خفارات السجن الداخلية وعلى مدار الساعة.. أما المدنيات ويخضعن لنظام الخدمة المدنية وتتوزع أعمالهن بحسب التخصصات ويعملن بالفترة الصباحية. وعن دور وأداء المرأة العسكرية في السجون أكدت بأنه دور مهم جدا ولا يقل عن اداء ودور أي عسكري يعمل بمثل وظيفتها معتبرة أن الملاحظات العسكريات هن روح المكان وأن عملهن هو النواة الصلبة وصمام الامان كما أثنت البحيران على الجهد والحس الأمني العالي الذي يتمتعن به الملاحظات العسكريات وذلك بفضل الله ثم بفضل الدعم والتوجيهات المستمرة من الاستاذة نوف العتيبي مديرة الاشراف النسوي بالمديرية العامة للسجون ومن هنا نقدم لها كل الشكر والتقدير لمساندتها الدائمة للجميع. وبصورة عامة فان جميع الموظفات بالسجون عملهن لا يقتصر على مراقبة النزيلات بل العكس تماما الجميع يعمل قدر المستطاع لتوفير الرعاية الانسانية وتطبيق أعلى معايير الإصلاح والتأهيل للنزيلات حتى نفتح لهن أبواب الأمل والعمل حيث يتم إكسابهن مهارات متنوعة إضافة إلى تنمية مواهبهن وأضافت أن نسبة النزيلات من جنسيات اجنبية كبيرة مقارنة بعدد النزيلات السعوديات وهن جميعاً يقضين محكوميتهن في عملية تقويم وبناء مستمر لذاتهن، من خلال البرامج المقدمة لهن في شتى المجالات النفسية والاجتماعية والصحية والدينية والثقافية. مركز متخصص لتطوير قدرات موظفات السجون في تعليق من المتحدث الرسمي للمديرية العامة للسجون العميد الدكتور أيوب بن حجاب بن نحيت ذكر بأنه يقابل بالفخر والشكر والتقدير كل ما تطرق إليه الزميلات الكريمات من حماس ورغبة واستعداد لأداء العمل بجدية وكفاءة مؤكدا بأن العمل بشكل عام وفي السجون بشكل خاص يعد رسالة سامية لتماسها مع حقوق النزلاء والنزيلات ويجب تحقيقها بأمانة وإخلاص كما بين الدكتور ابن نحيت إلى أن المديرية العامة للسجون افتتحت مؤخراً مركزاً متخصصاً لتطوير قدرات ومهارات موظفات السجون وأن هذا المركز امتدت خدماته -ولله الحمد- لتشمل وزارات ومؤسسات الدولة كافة لمن يطلب الاستفادة من خبراتنا الكبيرة في مجالي التعليم والتدريب الأمني المتخصص. الجندي سالمة: الدورات التأهيلية وسّعت مداركنا وطورت قدراتنا الملاحِظات نجحن في التوازن بين عملهن وحياتهن الشخصية العميد د. أيوب بن نحيت