تخوف اقتصاديون من استمرار معدلات التضخم الاقتصادي السلبي على المدى المتوسط والبعيد، مؤكدين بأن استمراره قد يكون مغرياً للمواطن المستهلك للوهلة الأولى ولكنه سيؤثر مستقبلاً على قطاع الأعمال الناشئة والصغيرة والمتوسطة كما أن استمراره سيكون سبباً في ارتفاع معدلي البطالة وضعف إنتاجية الموظفين. وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودي ياسر الحربي بدأ الاقتصاد السعودي في الدخول في مرحلة التضخم السالب أو ما يعرف بالانكماش الاقتصادي منذ شهر أغسطس الماضي كنتيجة مباشرة لانخفاض القوه الشرائية المحلية. مبيناً أن التضخم من المصطلحات الاقتصادية المعروفة والمنتشرة وبرغم تعدد التعريفات المحددة للتضخم إلا انه بالإجمال هو الارتفاع الشديد وغير المبرر لأسعار السلع والخدمات في منطقة معينة وزمن محدد. وأوضح الحربي أن للتضخم أسباباً عديدة كلها تؤدي إلى ارتفاع الاسعار من ضمنها تضخمات الدخل والتكاليف وارتفاع العرض النقدي والإقراض بشكل عشوائي وغير مقنن ويراعي دوماً المسؤولين عن الاقتصاد أن يحافظوا على نسب تضخم متماشية مع القيمة والتكلفة الفعلية للسلع والخدمات والنقد. وحول مدى تأثر الاقتصاد السعودي بهذا التضخم قال منذ دخول الاقتصاد السعودي في حالة الانكماش (التضخم السالب) ونلاحظ تصحيحاً صحياً لأسعار السلع والخدمات الاساسية وأعزى ذلك لسبب مرور اقتصادنا بمعدلات تضخم مطرده على مدى ال10 سنوات السابقة أدت إلى وصول بعض الاسعار لمستويات لا تمثل القيمة الحقيقية. وتابع: طالما التضخم في معدلاته الطبيعية والمنطقية والملائمة للقوى الشرائية سواءاً كان سلبياً أو إيجابياً فهي ظاهرة اقتصادية صحية ومطلوبة لاستمرارية التوازن بين العرض والطلب وعند وجود اي اختلاف لذلك فإن السلطات لديها العديد من الخيارات لكبح جماح ذلك التضخم من تعديل للسياسات الماليه والنقدية. مشيراً إلى أن التضخم السلبي إذا فاق المعدلات المنطقية سوف يكون تأثيره واضحاً على قطاع الأعمال الناشئة والمتوسطة والصغيرة أما إن وصل الانكماش بمعدلات متماشية مع القوة الشرائية والاسعار العالمية سوف يكون ذا منفعة كبيرة لجميع أفراد المجتمع. وتوقع أن يتواصل الانكماش بمعدلات أبطأ وأخف حدة حتى وصولنا لمرحلة التعادل بين السعر المباع به والقيمة النقدية على أن يصاحب ذلك وفي ظل رؤية المملكة 2030 تحسينات اقتصادية ورفع لنوع وجودة دخل المواطن. وأكد ان المستهلك هو المستفيد الاول من هذا التضخم حيث إرجاع الأسعار لمستوياتها الطبيعية يساهم في نمو الأعمال والصادرات مما ينعكس إيجاباً على دخل الفرد ويساعد على التنافسية في السوق السعودي لجلب استثمارات نوعية وذات فائدة مباشرة للفرد السعودي. فيما اوضح الاقتصادي مساعد السعيد ل»الرياض» أن التضخم السلبي عبارة عن حالة اقتصادية تعني تراجعاً بالأسعار نتيجة ضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين (لعدة أسباب) وبالتالي تراجع الطلب ما يؤدي لتراكم السلع. وأشار إلى أن هذا الامر ليس إيجابياً كما يبدو للوهله الأولى رغم انه مفيد للأفراد (مؤقتا)؛ فالتضخم السلبي مؤشر يدل على حدوث الركود وانكماش بالاقتصاد وهذا سلبي على المدى المتوسط والطويل (إذا استمر الاقتصاد بتسجيل معدلات تضخم سلبية) فهو يعني مزيداً من البطالة وقلة الإنتاج ما يؤثر على الدورة الطبيعية للاقتصاد ومن ثم حدوث الانكماش. واما حدوثه باقتصاد مثل اقتصاد المملكة (اقتصاد ريعي معتمد على ريع تصدير النفط) ويعيش مرحلة تحول مهمة وخطط طموحة ممثلة في (برنامج التحول 2020) ورؤية المملكة 2030. مشيراً الى أن تلك المعدلات السلبية مقبولة نظراً للإصلاحات الجبارة المنتظره لمعالجة التشوهات والترهلات في الاقتصاد المحلي للمملكة خاصة القطاع الخاص المعتمد اعتماد كلياً على الإنفاق الحكومي.