مفخرة وطنية، وسفيرة علمية وإنسانية.. ثقة وإرادة وطموح وهدف واضح، وإنجاز طبي متقدم لخدمة البشرية. تلك هي الدكتورة غادة المطيري التي رغم صغر سنها وصلت إلى بروفيسور. أضافت غادة اسمها إلى قائمة المخترعين وحصلت على جائزة الإبداع العلمي حين تمكنت من استخدام الضوء في الجراحة بدلا من المبضع. وبلغة الأطباء اكتشفت غادة معدنا يمكن أشعة الضوء من الدخول إلى جسم الإنسان في رقائق تسمى (الفوتون) فتسهل الدخول إلى الخلايا دون الحاجة إلى عمليات جراحية. اكتشافها كان من أهم أربعة اختراعات أنجزت في أميركا عام 2012 اختيرت من قبل الكونغرس الأميركي. تقول د. غادة عن اختراعها: (هذا الاختراع تمت الاستفادة منه فعليا في تطبيقات جراحة العين ولعلاج مرض الروماتيد في أميركا، وهو اختراع يصلح أن يطبق على العديد من المجالات الأخرى سواء أكانت صناعية أم زراعية أم حتى هندسية فهو ثورة علمية بكل المقاييس. تحديد المشكلة والتوصل إلى حل استغرق عشر سنوات، وهنا تكمن الإرادة والجدية في هذه الشخصية التي تقول إن قيمة الإنسان الحقيقية في حجم البصمة التي يتركها لصالح البشرية لذا فإنها كرست حياتها للعلم والعمل). غادة درست في مدارسنا حتى الثانوية، ثم أكملت تعليمها الجامعي في أميركا. بكالوريوس: كيمياء، وماجستير كيمياء حيوية، ثم حصلت على منحة الدكتوراه من ولاية كاليفورنيا في الهندسة الكيميائية. شهادة الدكتوراه بالنسبة لها ليست نهاية الطريق، ولا شهادة لدخول عالم (البريستيج) أو البحث عن مركز اجتماعي، أو بحثا عن الأضواء. الدرجة العلمية تؤهلها لدخول المختبر وإجراء مزيد من التجارب بحثا عن اكتشافات جديدة تساهم في تقدم الرعاية الطبية. من هنا فهي تعمل في معملها الخاص على مشروعات جديدة، وتطوير اكتشافاتها. في رصيدها عشرة أبحاث ومؤلف علمي باسم (التقنية الدقيقة) ترجم في المانيا واليابان وأميركا. غادة وكثير من أبناء وبنات بلادنا كشفوا عن ذكائهم وقدراتهم وجديتهم عندما تهيأت لهم بيئة البحث المناسبة المحفزة على الإبداع. العالمة غادة سبق أن حاولت الالتحاق ببرنامج خادم الحرمين للابتعاث فقيل لها إن المنح لا تقدم لطالبي الشهادات في تخصصات الكيمياء والهندسة الكيميائية. في تجربة غادة وغيرها من المتميزين والمبدعين في مجالات مختلفة، من المهم ترجمة الإنجازات -إن كانت بلغة أجنبية- إلى اللغة العربية، ومن المهم أيضا بناء الجسور العلمية بين جامعتنا ومراكزنا البحثية ونظيراتها في الدول الأخرى، وتفعيل نشاط البحوث في جامعاتنا، وتبني الموهوبين وتمويل دراساتهم وأبحاثهم من الدعم الحكومي وغير الحكومي. ومن المهم على المستوى العائلي الانتباه الى الأطفال الموهوبين وتشجيع فضولهم وتحفيز قدراتهم وعدم الإصرار على جعلهم نسخا من آبائهم وأمهاتهم. أما إذا وصل (الطفل) إلى مرحلة علمية متقدمة في مجال تخصصه، فهل نوفر له ما يدعمه للتفرغ للدراسات والبحوث للإثراء العلمي للمجال المتخصص فيه، أم نكلفه بعمل إداري؟ الإجابة سنجدها في تجارب كثيرة لأساتذة جامعات اتجهوا للعمل الإداري فخسرتهم المختبرات ومراكز الأبحاث. ولكن غادة وغيرها كثير من أبناء وبنات الوطن كان لديهم شغف علمي لا تستطيع جاذبية العمل الإداري -إن كان له جاذبية- أن تتفوق عليه.