يتواجد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في منطقة الخليج العربي منذ منتصف الأسبوع زائرا ثلاث عواصم خليجية هي المنامة والرياض والدوحة تباعا ويعقبه الرئيس الإيراني حسن روحاني ليزور عاصمتين خليجيتين أخريين هما: مسقط والكويت. والسؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل محلل ومراقب للوضع في منطقة الشرق الأوسط هو: هل كانت الزيارتان مجدولتين منذ مدة طويلة وكان تزامنهما صدفة؟ ولم كانت العواصم الخليجية المزارة مختلفة في كلتا الزيارتين؟ وهل للأحداث الأخيرة في المنطقة من الحرب على داعش في سورياوالعراق وتعثر اجتماعات الاستانة والحرب في اليمن سبب في الزيارتين؟ يبدو أن زيارة الرئيس التركي تبدو واضحة أكثر فهو أعلن عن بحثه عن مواقف خليجية - تركيا في حاجتها للاستقرار في المنطقة ويبدو أنه يقصد الدعم الذي يحتاجه الآن في انتقال معارك الجيش التركي وحليفه الجيش الحر من الباب السوري إلى الرقة المعقل الرئيس لتنظيم داعش وما تحتاجه هذه القوات من دعم لوجستي سواء دبلوماسي أوعسكري خصوصا ونحن نعلم أن للدول الخليجية قوات في قاعدة أنجيرليك التركية تساعد في الحرب ضد الإرهاب ضمن التحالف الدولي. ولا نغفل إيضا أن تركيا من ضمن الدول الراعية لمباحثات الاستانة إضافة إلى روسياوإيران ويظهر أن هذا الأمر الأهم في كون الشريك التركي للمعارضة السورية يعلم كثيرا من الأسرار حول هذه المفاوضات المغلقة ودول الخليج وخصوصا السعودية تحتاج أن تعلم عما يدور في هذه المباحثات من دولة راعية لها كتركيا. وتركيا بالتالي تحتاج إلى استمزاج رأي شريك صادق كدول الخليج العربية وحليفة لها في دعم المعارضة السورية. هذا من جانب الزيارة التركية فماذا عن الزيارة الإيرانية التي تذكر وسائل الإعلام الإيرانية أنها أتت تلبية لدعوة رسمية من العاصمتين الخليجيتين مسقط والكويت؟ ذكرت في مقال سابق أن طهران اليوم في وضع ليس أفضل فالتصعيد الأمريكي بدأ يتزايد من الإدارة الجديدة حتى وإن كان لفظيا حتى الآن. ويبدو أن طهران بما عرف عنها من دهاء سياسي بدأت تلعب لعبتها القديمة وهي إفساح المجال لوجهها المعتدل المتمثل في روحاني لتهدئة روع الخليج من تمددها وتهديداتها المستمرة لدوله. أقول هنا لابأس بل إنه من المفيد أن تقدم طهران نفسها اليوم لدول الخليج كدولة تبحث عن التهدئة فيجب عدم إضاعة الفرصة ومطالبة إيران بكف شرورها عن المنطقة بالأفعال كسحب مليشياتها الطائفية من العراقوسوريا وإيقاف تهريب السلاح إلى الحوثيين ودعم الإرهابيين في البحرين وباقي دول المنطقة. أعتقد أن طهران اليوم قد تكون ألين كثيرا في بعض مواقفها خصوصا وإن سارت مفاوضات الإستانة كما يجب وظلت الإدارة الأمريكية على هذا الزخم من التصعيد. ويبقى السؤال حول تزامن الزيارتين من قبل دولتين فاعلتين في أزمات المنطقة العربية وفي يديهما كثير من خيوط الحل والتعقيد. *أكاديمي وإعلامي سعودي