هذه الحالة للأسف ما عادت حالات فردية لبعض الأطفال بل هي أقرب إلى الوباء منها إلى الظاهرة، وليت الأمر يقتصر على ساعة أو ساعتين، بل هي الساعات الكثيرة، وليت الحقوق والواجبات لا تضيع فالصلوات وحق الوالدين، وواجب التعلم والتثقف الذاتي، وواجب الاختلاط الاجتماعي مع الأقران والأقارب للتمتع بشخصية متزنة نفسياً واجتماعياً، والتمتع بمرونة التعايش مع الآخرين، بل إن الأمر ينعكس سلبا على سلامة الطفل من كل النواحي، فالناحية الصحية سوف تتأثر بترك ممارسة اللعب والرياضة والمرونة، وسوف تتأثر العينان ويضيع ضياؤهما، وسوف ينحني الظهر والعنق لكثرة الانحناء، وسوف تتأثر مفاصل اليدين والكفين لتكليفهما بما لم يخلقا لأجله الساعات الطوال، ناهيك عن أمراض السمنة والبدانة بسبب قلة الحركة ومخالفة فطرة الله التي فطر الله الأطفال عليها من كثرة الحركة والقفز والجري واللعب حتى يشتد عودهم وتقوى عضلاتهم، أما الناحية العقلية فماذا ترجو من الانحباس في عالم كاذب وربما خاطئ، وبالتالي فإن العقول سوف تضمر ويصغر حجمها كمّاً ونوعاً. أما من ناحية النفس فغني عن الذكر هذا الانعزال وما يصنع في نفوس الصغار التي لا تتطور وتنضج ولا تستقيم وتتعايش مع الآخرين إلا بالاحتكاك والمعايشة الفعلية للأقران وللراشدين فيتعلمون ما يفرحهم فيزدادون منه ويتعرفون على ما يؤلمهم فيبتعدون عنه، ويتولد عندهم الإحساس بالآخرين والشعور بمعاناتهم فينشأ عندهم حب الإحسان ومساعدة الآخرين، والصبر على أذاهم والتأقلم مع مصاعب الحياة الحقيقية، وعلى دروب الخير نلتقي.