كمواطن سعودي، أتفاءل كثيراً بمستقبل هذا الوطن، وبما يتم اتخاذه من إجراءات وتشريعات لتعزيز قيم الشفافية، ومحاربة الفساد، وحماية المال العام، الذي هو مال المواطن أولاً، ويجب أن يكون لخدمته وحده فقط. سبب هذا التفاؤل، هو ما قرأته مؤخراً عن عزم مجلس الشورى، دراسة مقترح نظام منع الكسب غير المشروع، وتقديم إقرار للذمة المالية لكل من يتولى المسؤولية الحكومية، والذي يشمل الوزراء، ونوابهم، وشاغلي المرتبة الممتازة، والقضاة، وكتاب العدل، وأمناء المناطق، ورؤساء البلديات، والسفراء، ورؤساء المؤسسات الرسمية العامة المدنية والعسكرية، ومديريها، وموظفي الدولة من شاغلي المرتبة الثالثة عشرة فما فوق وشاغلي الوظائف العسكرية من رتبة مقدم فما فوق.. بالتوازي مع توجه الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد لإيجاد النصوص النظامية التي تتيح التشهير بالفاسدين في الدولة. وتحضرني في هذا المقام، مقولة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، في إحدى المناسبات، والتي دعا فيها للتكاتف في محاربة الفساد بكافة صوره؛ وتأكيده على أن خدمة المواطن هي محور الاهتمام والرعاية، وتوجيهه -يحفظه الله- بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية "بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد، ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين". برأيي الذي أعتقد أن كل مواطن يتفق معه، فإن هاتين الخطوتين (إقرار الذمة المالية، والتشهير بالفاسدين والجهات الفاسدة)، دعامة أساسية وركيزة مهمة لحماية المال العام، والحد من مشكلتنا الأزلية المتمثلة في العديد من التجاوزات الإدارية والمالية التي تعيق تحقيق طموحات الحكومة، وتعرقل آمال المواطن في قطف ثمار عملية التنمية الجارية بكل قوة، رغم الكثير من التحديات الاقتصادية وتكلفة درء المخاطر التي ندفع فاتورتها لحماية وطننا وأرضنا وشعبنا من تهديداتها التي لا تخفى على أحد. وبالتالي، ونحن نسير على درب تحقيق رؤية المملكة 2030 التي تركز في أهم محاورها على الشفافية، والنزاهة، والعدالة، والحوكمة، وحماية المال العام من الاعتداء عليه، يكون من الضروري للغاية ضمان استقامة السلوك والذمة لجميع موظفي الدولة، ومحاسبة المقصرين واللصوص، ومعهم كل من يستغل سلطاته، ويخون أمانة وأبجديات مسؤولياته الوظيفية، وهم بالتأكيد قلة لا يخلو منها أي مجتمع. بلدنا في حاجة لكل ريال يتم رصده في أي برنامج تنموي، ومواطنونا في المدن والقرى أكثر حاجة لمعرفة لماذا تتعثر المشروعات، أو تتأخر قاطرة التنمية، ومسؤولونا في حاجة لإبراء ذمتهم وتأكيد وطنيتهم وإخلاصهم في مهامهم.. أما المنحرفون ولصوص المال العام فلا مكان لهم بيننا، وليذهبوا إلى الجحيم، لأنهم التهديد الحقيقي والأخطر.