وهو يضطلع بمسؤولياته الإدارية يهمس يمينا ويسارا عن لا مسؤولية الإعلام الرياضي، تعصبه، وجهل منسوبيه، لكنه بمجرد أن يجد نفسه مضطرا لإيصال صوته ينقلب موقفه رأسا على عقب ويتعامل مع الإعلامي وكأنه كائن من كوكب آخر، هذا هو حال كثير من الإداريين في الرياضة السعودية، يذمون الإعلام ويعممون الذم على كل المنتسبين إليه ثم نجدهم بعد ترك المسؤولية الإدارية يتجهون إليه ويقدمون أنفسهم كإعلاميين، ولكي أبسط الموضوع على القارئ أقول: كم إداري سابق أو لاعب معتزل يقدم نفسه حاليا على أنه إعلامي؟ أليس هذا هو الإعلام الذي كانوا يذمونه ليلا ونهارا؟ لا أنزه الإعلام الرياضي ولا أدافع عنه فهو كغيره فيه الجيد وفيه السيئ من الطرح ومن المنتسبين، لكنه يبقى الأكثر تأثيرا وجرأة إذا ما قارناه بالإعلام في المجالات الأخرى، بل إن أغلب رؤساء التحرير المميزين كانت بداياتهم من الصفحات الرياضية، فالصحافة الرياضية تصقل مهارات الصحفي بسبب هامش الحرية في الطرح، فيجد الممارس الفرصة مواتية لإجراء حوار مثير أو كتابة مقال حاد من دون أن يتعرض عمله لتشوهات مقص الرقيب. برأيي الشخصي أن المشكلة تنشأ ممن يتحدثون عن الفضيلة كثيرا وهم آخر من يمارسها، وممن يعزلون الفرد عن المجتمع، فنجد أن هناك من يمقت تعصب الصحفي الرياضي وهو في الوقت ذاته يتفاخر بقبيلته أو منطقته في كل موقف، أو نجده يرسل إيحاءات عنصرية تجاه الآخرين، بل قد تقرأ لمشجع متعصب في وسائل التواصل الاجتماعي عن تعصب الصحفيين وهو ذاته مصدر رئيسي من مصادر التعصب، استطاع أن يجذب مئات الآلاف من المتابعين بسبب تعصبه و(ذبه) على النادي المنافس، وأنا أستشهد ببعض المواقف هنا لا أبرر لكنني أريد أن أصل إلى أن المسألة لا ترتبط بالفرد أو بقطاع معين بقدر ما هي مشكلة مجتمع تكونت ثقافته على مدى أعوام طويلة. وبما أن الصحافة الرياضية فيها ما يشيب له الرأس كما يراها البعض، كان الأحرى بمن هم خارجها ألا يدخلوا المجال الذي طالما انتقدوه، أما حال الصحفي الرياضي وتعصبه، فلا أرى مجالا لعزله عن مجتمعه الذي يعتبر التعصب والواسطة والهبات جزءا من ثقافته، وأنا هنا لا أعمم ولا أشرعن هذه الثقافة لكنها واقع لا يمكن القفز عليه، لذا يبقى لسان حال الإعلامي الرياضي بالنسبة لمجتمعه كقول الدريد بن الصمة: وما أنا إلا من غزية إن غوت.. غويت إن ترشد غزية أرشد!