إذا كان هذا على حساب ظلم الناس وقهرهم وسلب حقوقهم والادعاء بتملك ما لا يملك، فهو اختلال نفسي تظن النفس فيه بأنها شخصية عظيمة، وأن من حولها لا شيء، ولذلك وجد علماء النفس عند دراستهم للشخصيات المريضة بمرض جنون العظمة أنهم مصابون بمرض حب الذات المفرط وبالنرجسية، حتى ظنوا أنهم فوق خلق الله جميعاً، في الخلقة والأخلاق والنفس والجسد، فلا أحد يدانيهم في الأفضلية والتميز، فإن جالستهم على الطعام سابقوك لأفضله، وإن حادثتهم بحديث أخبروك بأنهم يعرفونه قبلك، حتى أطفالهم هم أفضل الأطفال وأذكاهم وذلك لأن أطفالهم يحملون المورثات الجينية منهم ولأنهم صنيعة أيديهم!! النرجسيون هم أكثر مما نظن بسبب طغيان المادة وضعف التدين وهبوط مستوى الأخلاق، والنرجسيون عالة على أهلهم، لأنهم لا صديق لهم ولا حبيب، ولأنهم لا يجدون الموقع المناسب لذواتهم مع الذوات الأخرى التي لا بد أن تخالطهم وتجتمع معهم في بيئة العمل..!! وكم يجني الآباء على أطفالهم عندما يربون الطفل على أنه أفضل الجميع وأذكى الأطفال وأكثرهم جمالاً وأحسنهم نسباً وحسباً، حتى ينخدع المسكين بنفسه، ويصبح في قلبه عقيدة راسخة تقوى وتتطور مع الزمن، والمشكلة أن النرجسي لا يعترف بنرجسيته حتى لو اتفق الخلق كلهم على وصمه بهذه الصفة فسيبقى بعظمته واعتداده بنفسه منافحاً عن نفسه ومدافعاً، حتى لو فقد من حوله من الأهل والإخوان والأصدقاء، حتى لو كره الناس مجالسته ومؤاكلته، فسيظل جاهلاً بمدى مرضه وحاجته الحقيقية إلى خطة علاجية يواجه فيها الواقع، وعلى دروب الخير نلتقي.