حظيت الخصخصة والشراكة بين القطاع العام والخاص باهتمام الحكومات في مختلف أنحاء العالم وذلك لأن عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي أصبحت تعتمد على المشاركة في حشد كافة الإمكانيات المتاحة لكل موارد وخبرات القطاعين العام والخاص في مؤسسات تتولى إنشاء وتشغيل المشروعات بمختلف أنواعها من أجل تلافي التحديات والصعوبات التي يواجهها كل منهما منفردا. وفي ظل التطورات الدولية نشهد طرح برامج الخصخصة كأحد القنوات الواعدة لتعزيز إيرادات الدولة، وترشيد الإنفاق الحكومي على المشروعات، من خلال تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ البنية التحتية، والمشروعات العملاقة التي أصبح لا يستطيع القطاع العام أو القطاع الخاص تنفيذها منفرداً في ظل عجز أي من القطاعين على توفير ميزانيات لتنفيذها مما يؤدي إلى تعثر أو تأخر المشروعات بدوره يؤدي إلى تعطل عجلة التنمية. لذلك أصبح تقاسم المخاطر بين القطاعين أحد المحفزات الرئيسية لتلك الشراكة ولهذا تعتبر عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أكثر الوسائل نجاحاً في كثير من الدول ولعل من أبرز فوائدها الجودة والسرعة والشفافية وانخفاض التكلفة وتقاسم المخاطر وفتح قنوات استثمارية جديدة. ناهيك عن أنها تقود إلى زيادة الكفاءة والدقة وضمان التمويل والتشغيل والصيانة والتطوير بما يعود بالنفع على الطرفين من خلال تقديم خدمات راقية تحقق ربحية لتلك الاستثمارات. ولا شك أن الشراكة بين القطاع العام والخاص يمكن أن تكون عبر عدة قنوات منها: الأولى: الشراكة بين القطاع العام والخاص يمكن أن تتم من خلال ترتيبات تعاقدية بين الطرفين في مشروعات معينة لتنفيذ أو تصميم أو تشييد أو تشغيل وصيانة أو باثنين أو ثلاثة منها أو بها مجتمعة. الثانية: كما أن هناك نوعاً من الشراكة بين القطاع العام والخاص يتمثل في امتلاك الدولة حصة رئيسية من رأس مال بعض الشركات الصناعية والخدمية مثل ما هو معمول به في سابك وشركة الاتصالات والبنك الأهلي وبنك الرياض وغيرها وعليه فإن تكرار تلك التجربة والتوسع فيها يعتبر أحد الخيارات المتاحة. وهذا يعني أن تكرر الدولة التجربة بمشاركة الشركات الصناعية الناجحة مثل شركات الأسمنت وشركات الأدوية والبتروكيماويات والحديد والألمنيوم وغيرها من خلال مضاعفة رأس مالها وامتلاك صندوق الاستثمارات العامة نسبة خمسين بالمئة من رأس مالها على أن تخصص الزيادة في رأس المال لإنشاء خطوط إنتاج جديدة يصدر إنتاجها للخارج خصوصاً للدول المجاورة بعد أن يعود الأمن والاستقرار إليها مثل العراق وسورية واليمن وليبيا وغيرها حيث أن عملية إعادة الأعمار تحتاج إلى مثل تلك المنتجات وغيرها مما يمكن الاستعداد له والعمل على توفيره. الثالثة: في الدول المتقدمة تعتبر الشراكة بين الجامعات والقطاع الخاص من أهم وسائل تشجيع البحث والتطوير باعتبارهما البوابة الرئيسية لاقتصاد المعرفة الذي تعتمد عليه التنافسية الاقتصادية لذلك يجب على الجامعات التفاعل مع المجتمع وتوفير متطلباته وهذا لا يتم إلا من خلال فتح قنوات الشراكة الفاعلة بينها وبين قطاعات التنمية المختلفة في الدولة بما في ذلك القطاع الخاص.