وصل الانجليزي فيلبي الى الرياض أواخر 1917م فوجد المدينة وفق كتاب الرياضالمدينة القديمة لوليم فيسي محوطة بسور حصين يصل ارتفاعه حوالي 25 قدما ويعلوه شرفات على هيئة اسنان سمك القرش بينما يخترق استدارة السور تسعة أبواب اقتصر استخدام بعضها كمخارج لواحات النخيل المجاورة واهم الابواب الاخرى باب الثميري وهو المخرج المعتاد لطرق الشمال والشرق وايضا الى منفوحة جنوبا كذلك باب الظهيرة والمؤدي للقصيم والوشم وطريق الحج الغربي يأتي بعدهما في الاهمية باب دخنة وباب المريقيب في الجنوب الغربي ثم باب البديعة واخيرا باب الشمسية وجد ان تنظيم الشوارع الداخلي ليس فيه تناظر عند الالتقاء الطبيعي والشارع الرئيسي ( شارع الثميري ) هو الذي يوصل في خط مستقيم ما بين باب الثميري والقصر وقام بقياس الشارع الذي بلغ حوالي 300 خطوة للجمل من بوابة الثميري الى القصر. وجد كذلك سوق الرياض يحتل كل الارض الفضاء الواقعة شمال قصر الحكم وينحدر الى الغرب بميول حاد وبفصله جدار الى قسمين والقسم الواقع بين الجدار الفاصل وجدار القصر مخصص للنساء بائعات الخضار والادوية والاشياء المنزلية الضرورية أما القسم الآخر والاكبر فيضم حوالي 120 دكانا متواضعا بعضها متظاهرة في مساحة ضيقة وقصيرة واغلبها يظاهر المسجد الجامع وبعض المنازل كما لاحظ أن السوق اثناء ساعات النشاط التجاري في الايام العادية يكون حيويا وتعرض الدكاكين بضائع مختلفة الاصناف تبدأ من القماش والانسجة المستوردة والمصنوعات الجلدية المحلية والسروج الى اصناف الشاي والقهوة والسكر والبهارات واللحم والارز ومستلزمات الحياة الضرورية الى بضائع الرفاهية وبضائع مثل البنادق والذخيرة والساعات والمناظير وتسد قطعان الأغنام الشارع الرئيسي حيث المساومات الحامية بين الباعة والمشترين وينتقل الزبائن من رأس الى آخر بصبر العازمين على ان تكون صفقتهم رابحة. ويطوف هنا وهناك داخل وخارج جلبة الازدحام صاحب دكان او دلال (محرج) يشتغل بالعمولة معه بندقية أو منظار أو عباءة من نسيج الأحساء ينادي معلنا آخر سعر المزايدة ومحاولا الحصول على سعر أعلى. ومن وقت لآخر يشق جمل أو جملان محملان بالعلف أو الحطب طريقهما دون مبالاة ويدفع الناس الواقفين جانبا بأطراف الحمل. وبين فترة وأخرى تسمع مناديا فقد شيئا غاليا يصيح بأعلى صوته (يامن عيّن الذّاهبه) جزاه الله خير وفي موضع آخر يذكر فيلبي الحمير الفارسية المخضبة بالحناء يسوقها صبية ينتظرون توصيل أي حمولة لمنزل ميسور او طلبه الحضور لمنزله لنقل أكوام الرماد وابعادها الى (مكبة) الرماد وقد يلاحظ الزائر (مختن) اطفال جاء بحقيبته البسيطة وادواته وقد جلس جانبا في انتظار دعوة من احد السكان لتختين طفله ومثل ذلك قلاّع الضروس وفي يده كلاليب من الحديد أو مداوي أمراض العيون كما صادف مواكب تسير وسط السوق وهي تردد بأعلى صوتها: ( بيّض الله وجه فلان الفلاني ) يتغير المنظر فجأة في اوقات الصلاة عند أول سماع المؤذن حيث تغلق الدكاكين ويجول رجال الحسبة في الشوارع ويسير الجميع الى المسجد بخشوع حتى إذا ما انقضت الصلاة عاد السوق الى نشاطه. المصباح يضيء شرفة قصر الحكم عند ما يكون الملك حاضراً بعد حوالي 12 عاما ورغم أن الرياض اصبحت مهيأة لتنهض بدورها كعاصمة للدولة الا انه لم يطرأ عليها الا تغيير ضئيل عن وضعها كمدينة نجدية تقليدية تبين ذلك من خلال تقرير كتبه النمساوي المسلم محمد أسد الذي دعاه الملك عبدالعزيز لزيارة الرياض سنة 1930م والذي قدم وصفا مفصلا للمدينة وواحاتها والطبقات العلوية لقصر الحكم وذروته ولفت نظره في اعلى ابراج القصر فانوس يضاء ليلا عند ما يكون الملك مقيما في المدينة كما لاحظ كثرة مخيمات البدو المحيطة بالمدينة وزوارها وعندما عرج على سوق الرياضوجده متواضعا جدا ومساحته اصغر من سوق بريدة وأصغر من سوق حائل ووجد فيه صف واحد من الدكاكين وكل دكان بمثابة غرفة صغيرة لها باب واحد وبدون شبابيك وبينها وبين واجهة القصر صف آخر من الدكاكين على كلا الجهتين والى جواره سوق الابل ثم دكاكين الحدادين بينما يصطف على امتداد السوق عدد كبير من الباعة الذين لا يستطيعون استئجار دكاكين ويكتفون بفرش بطانية أو رداء لعرض بضائع صغيرة ومختلفة وعلى مسافة منفصلة يوجد سوق الحريم ويحجبه عن النظر صف من دكاكين الجزارين وتجلس النساء هناك وامامهن سلال ملأى بالبيض والخضروات الموضوعه على حصير من خوص النخيل. اضافة لبعض الادوية والصابون, كان السوق مزدحما بأهالي الرياض وبالغرباء واغلبهم من القوافل القادمة للملك يأتي اكثرهم إما للتبضع او مقايضة الطعام والملابس بالسمن والاقط. فيلبي