الفرص لا تتكرر مراراً فإن تم استثمارها وإلا ذهبت وولت كما أتت. الكثير من الناس يعتبر أن بلادنا تمر بمرحلة صعبة من تاريخها ولكن الحقيقة تنافي ذلك تماماً. فهي تمر بمرحلة مخاض واعتماد على الذات وإعادة تأهيل وبرمجة لكافة قطاعات التنمية في البلاد. فرغم المحن الصعبة التي تمر بها بلادنا على جميع الأصعدة الداخلية والخارجية، فهي تخوض حروباً مختلفة، ومتلونة، ومتعددة منها حروب إقليمية، و سياسية، و اقتصادية ، واجتماعية. هذه المحن تحولت بالإصرار، والعزيمة، والحزم إلى منح، فالحاجة أم الاختراع. وها نحن نرى استثمار تلك المحن لتتحول الى منح متتالية بدأت بغربلة كل قطاعات الدولة الداخلية واجتثت المترهل منها، ومنحت جذوة النشاط والحيوية للمتراخي منها، وأعادت النظر في سياستها الاقتصادية المعتمدة على النفط والمهدد دائماً بالانخفاض وتذبذب الأسعار فانفتحت على الاقتصاديات العالمية وهي عازمة على المنافسة والتحدي لتنفذ رؤية شاملة وفق أهداف معلنة، ومدة محددة، ومراحل تنفيذ متزامنة. فهي رؤية وتحول تتطلب تغيير العادات والمعتاد وفي الغالب يصاحب التغيير بعض الألم والمعاناة فلا يمكن أن يغير الفرد منا عادة اعتاد عليها دون أن يشعر بشيء من الضيق والمعاناة، ولكنه يطمح بتحول حاله إلى الأحسن والأفضل. *فكيف إذا كان الأمر يتعلق باقتصاديات دولة وسياساتها؟ - علينا أن نصبر ونساند هذا التحول الذي سينتشل البلاد من كابوس نضوب النفط في يوم من الأيام إلى موارد غير نفطية متعددة تتيح للوطن والمواطن جوانب استثمارية متوافرة ومتتابعة عبر اقتصاد قوي منافس. فالتحرك نحو المستقبل أمر لا بد أن نقوم به بعد التوكل على الله وهو أملنا في تحقق الحلم بتحول اقتصادنا إلى المراتب الأولى عالمياً. إن تغيير المسار مطلب ملح *فكيف إذا كان رؤية وتحول. * نحن لا يمكننا الانفصال عما يحدث حولنا في العالم من مخاوف سياسية واقتصادية وأمنية فالمواطنة الحقيقية هي العطاء بسخاء. أن نريد لبلادنا الأفضل، وإن كنا نريد الوصول للصف الأول ونحن في حال أقوى وأكثر جاهزية وتنافسية وقادرين على إنجاز الأفضل لوطننا ومستقبله. ولا ضير أن ننظر للاقتصاديات الناجحة في عالمنا الحديث والتي كانت لا تملك معطيات ذلك النجاح الباهر ونجحت وتفوقت. إنها سنغافورة جزيرة صغيرة بلا موارد طبيعية على الإطلاق، هي البلد الأصغر مساحة في جنوب شرق آسيا، حصلت سنغافورة على استقلالها عام 1965م وقد جاء رئيس الوزراء الأول بعد الاستقلال ليواجه العديد من المشاكل كالبطالة، وأزمة السكن، والفساد الإداري، والركود الاقتصادي، هذا إضافة إلى أن شعب سنغافورة هو مزيج غير متجانس ترجع أصولها إلى الصين، والهند، والجزر المالاوية وغيرها. واليوم سنغافورة خامس أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي العملة الصعبة، وهي أيضا أكثر البلدان استقرارا سياسيا في آسيا طبقا للكتاب السنوي للتنافسية العالمية. *كيف تحولت جزيرة مليئة بالمشاكل والتناقضات خلال أربعين سنة إلى ما هي عليه الآن؟ *كيف تمكنت هذه المستعمرة البريطانية السابقة من الانتقال من تصنيف العالم الثالث إلى العالم الأول خلال جيل واحد فقط؟ * ما كانوا ليحققوا ذلك لولا الإرادة السياسية وإصرار شعبها على تحويل قصة النجاح إلى واقع. ونحن جاهزون بإذن الله لتسطير قصة نجاحنا الطموحة في كتاب تقرأ صفحاته في كل دول العالم تحت عنوان رؤية السعودية 2030.