حمد عبدالرحمن المانع ما أحوج العالم الى تفعيل قيم التسامح، فقد اكتوت المجتمعات بتطرف الأفكار. إن محاربة العنف تحتم الاعتناء بالعبارات واستبدال الألفاظ القاسية بألفاظ المحبة والرحمة والسلام. ومن هذا المنطلق يتوجب على المؤسسات الإنسانية الدولية التي تعنى بالفكر وحقوق الإنسان أن تعي هذا الأمر وتسعى الى التصويب والتصحيح في العمق الثقافي، وفي سياق متصل ومن خلال المواد الإعلامية المختلفة التي تطرح بين الحين والآخر تجد العجب، اذ كيف يجتهد الأب والأم في تربية الأبناء والبنات يساندهم في ذلك المدرسة ودور المعلمين والمعلمات الفضلاء لتسقط التقنية بشاشاتها الملونة والمتلونة في اختبار التسامح واحترام الحس الإنساني حينما تبث مواد لم تكن الا امتداداً لتمرير نبرة العنف والتسلط ناهيك عن بعض الأفلام التي لا تخلو من مقاطع جز الرقاب، الترويح عن النفس أمر لا غبار عليه والانسجام مع الخيال ذاته حينما يجسد بصيغة لافتة مؤثرة ولكن ماذا عن المحتوى والهدف؟ وماذا عن الرحمة المبتعدة أو المبعدة؟ وماذا عن الأفكار الخلاقة المبدعة والتي تشحذ الذهن لبلوغ آفاق من الود والألفة والتراحم، وإذا كان الجميع متفقين على نبد العنف وإفرازاته النتنة بجميع أشكاله، فإن تكامل الجهود أمر في غاية الضرورة لتترجم وسائل الإعلام هذا التوجه النبيل نحو تهذيب المواد التي تطرح مع أهمية وضرورة وجود ميثاق شرف دولي وتحت مظلة الأممالمتحدة تلتزم بموجبه الدول بالمراقبة الدقيقة لمحتوى المواد التي تطرح، فلم يعد الأمر مقتصراً على التشويق والإثارة بقدر ما يتوجب الحرص والعناية وادراك ابعاد هذا الأمر وتداعياته لاسيما ما يقدم للأطفال من خلال افلام الرسوم المتحركة والالعاب الإلكترونية التي يتركز على الحروب والمعارك وشحن النفوس، عندما يتضاءل دور الحكمة ولا يتعدى دورها تسجيل الحضور فقط وعلى الورق بمعزل عن التأثير تغيب الموضوعية فيما يسهم هذا الغياب في طغيان المصالح على القيم الإيجابية النبيلة التي تحفظ الإنسان الذي خلقه المولى في أحسن تقويم، النزعة العدائية لا تولد مع الإنسان بقدر ما تنمو عطفاً على إرهاصات الواقع والتفاعل مع ما يختزنه العقل الباطن وتخضع لاعتبارات من ضمنها التأثر والإقناع والاقتناع، اذ يجب تفعيل مستوى الأدب في المواد الإعلامية المختلفة نحو صيغة المصالحة مع الذات وفي إطار تفعيل القيم النبيلة التي تكفل الحياة الكريمة بجمالها. وتحرص الأمم أشد الحرص على بناء الأخلاق وتشكل لهذا الأمر ميزانيات تختص بالتربية ما يفوق التسليح بهذا المضمار مدركة مغبة التساهل أو التفريط في هذا الجانب. إن الارتقاء بالمستوى الفكري والأخلاقي يتطلب مهارة عالية في انتقاء مايتم طرحه وتداوله.