بالأمس افتقدنا كنزاً من كنوز الشعر الشعبي على محوريه -المحاورة والنظم-وبرحيله أسدل الستار على هذا الإرث العظيم من المخزون الشعري والمفردات والألحان التي تميز بها. لقد فجعنا بوفاة الشاعر أحمد الناصر- رحمه الله- رحمة واسعة وليس جزعاً ولكنه عمود من أعمدة الشعر الشعبي، وسوف يترك فراغاً كبيراً في ساحة المحاورة خاصة وبغيابه سوف تغيب كثيراً من المعاني السامية للأدب، وليت شعري لو أن أحداً من المهتمين بتراث المحاورة يقوم بدراسة موسعة لنمط هذا العلم الشاهق، ولو تطرقنا بعجالة جداً لمسيرة حياته -رحمه الله- لوجدنا أن نشأته وترعرعه في الزلفي وماجاورها من القرى، والهجرة قبل مايقارب الثمانين عاماً والتي كانت ومازالت تعج بالحراك الشعري كان لها أثرا بالغا لصقل تلك الموهبة الفائقة في مجال المحاورة خاصة إذا ما عرفنا أنه بدأ كتابة الشعر منذ أن كان عمره 15 سنة ولعب أول محاوراته في مدينة القريات الشمالية، ولم يتعدى أنذاك العشرون عاماً ثم تدرج حتى لعب بعد ذلك مع كثير من عمالقة المحاورة في نجد في جيله أمثال عبدالله اللويحان وعلي أبو ماجد وعلي القري والبحر، وكانت هذه المرحلة الأولى، ومن ثم لعب مع شعراء الحجاز أمثال محمد الجبرتي، ورشيد الزلامي، وصياف الحربي، ومطلق الثبيتي، وخلف بن هذال، ومستور العصيمي، وفيصل الرياحي، و غيرهم الكثير، ومن شعراء الخليج مرشد البذال وصقر النصافي. وقد جلست معه عدة جلسات كانت ثمينة لدي وفي إحداها قال :إنه تأثر كثيراً بالشاعر سليمان بن شريم، وأنه رآه مرة واحدة في سيارته في إحدى قرى سدير في نجد وقال:شفته بلوري الله يرحمه لابس عباة اي مشلح وماحصل لي أسولف معه وكان رحمه الله لايقف عن اللعب مع أي أحد وكتب كثيراً من القصائد التي تغنى بها الركبان وله ديوان صوتي وآخر كتابي اسمه نسمات الربيع -رحمه الله- رحمة واسعة وغفر له وأسكنه فسيح جناته.