تحتوي البيئة الصحراوية على العديد من أنواع الأشجار المتنوعة، التي تكيفت مع المكان والزمان لسنوات طويلة حتى تبقى على قيد الحياة، إلا أن أيدي عصابات "السمر" السوداء، من المواطنين والمقيمين، تهدد بكارثة بيئية، فامتدت لاقتلاع تلك الأشجار في طريقها لتدمير الغطاء النباتي في المملكة. ولا تلقي تلك العصابات بالاً لتأكيدات وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنع بيع الحطب والفحم المحليين في الأسواق ومحطات الوقود أو على الطرقات وأماكن التنزه، والسماح ببيع المستورد، إذ أن الأخيرة أصدرت في عام 1435، قراراً بمنع الاحتطاب المحلي وتطبيق غرامة بحق المخالفين، إلا أن الجولات المتفرقة والمتقطعة لضبطهم لم تكن بالمستوى المطلوب للقضاء على هذه الظاهرة. "الرياض" رصدت خفايا سوق الحطب الواقع على طريق مكة جنوباً، للكشف عن مخالفات بيع حطب السمر والحطب المحلي والتلاعب بالتصاريح من قبل الحطابين على متن شاحنات خاصة، وضعف تدابير الأمن والسلامة في المستودعات. في البداية يتحدث صاحب مستودع الحطب "م. ع" (تحتفظ "الرياض" باسمه)، وهو سوداني الجنسية، حول بيع الحطب المحلي بعد قرار منع للاحتطاب العشوائي، قائلاً: "منعت وزارة البيئة والمياه والزراعة بيع الحطب المحلي منذ سنوات، إلا أنه تم منعه فعلياً قبل سنتين، واستبداله بالمستورد الذي تمتلئ به مستودعاتنا من السودان والصومال وجنوب أفريقيا. ومع ذلك يأتي بعض الحطابين الجوَالة محملين بالحطب المحلي، الذي يبلغ سعر "الخيشة" 60 ريالا سعوديا، وغالبا ما يكون مغشوشا، فيما يتراوح سعر المستورد بين ثمانية و10 ريالات، وللأسف الشديد لا يوجد إقبال على المستورد ولا حتى الفحم، لأن عشاق الشتاء يفضلون السمر على بقية الأخشاب". وحول ما إذا كان هؤلاء يحملون تصاريح خاصة لبيع السمر، أجاب "م. ع": "لا نسأل عن ذلك وقليل منا من يشتريه خوفاً من وزارة البيئة والمياه والزراعة. أما أصحاب سيارات النقل لا يهمهم منع بيع السمر كونهم في سيارات متحركة وليس مستودعات مؤجرة، إضافة إلى ذلك فالحملات التفتيشية نادر ما تحدث لذلك تمركزوا أمام الشارع، وما أن يحسوا بحركة أو يصلهم اتصال هاتفي تجدهم قد أفرغوا المكان وهربوا بعيدا". وعن حال المستودعات الأقرب لكونها "أعشاشا" لاحظت "الرياض" افتقار المكان لوسائل السلامة، ويقول "م. ع": "لا يرى المفتشون أي مشكلة فيها، ولا يحرصون على وجود طفاية حريق أو بناء جدران عازلة للحرارة، أو منع التدخين حولها، فهي معرضة للهواء والشمس والمطر ولا ضير في ذلك". من جهته يقول جاره "ع. ص": "لا نبيع السمر أبداً، بسبب قرار وزارة البيئة والمياه والزراعة منع الاحتطاب، ولا نستقبل حتى من الحطابين خوفاً من إغلاق محلاتنا المستأجرة". أما عن تزويد مستودعات الخشب بوسائل السلامة في حال احتراق أحدها، فيجيب: "للأسف لا، توكلنا على الحافظ". في الجهة المقابلة لمستودعات الحطب تصطف شاحنات متنقلة خاصة محملة بالسمر يقودها مواطنون سعوديون، يساومون لبيع شاحناتهم بالكامل، بمبالغ تتراوح بين ستة آلاف وعشرة آلاف ريال، وهم غالباً ما يحتطبونها بأنفسهم حتى وإن كان عمر الشجر مئات السنوات. وكما هو مشاهد في الشاحنات يباع السمر كجذوع ضخمة، فلا يتم تقطيعها إلا نادراً، ما يوضح طريقة اقتلاعها من الجذور ومن ثم تقطيعها بالمناشير أو الفؤوس إلى قطع كبيرة. وحين السؤال عن التصاريح الممنوحة من وزارة البيئة والمياه والزراعة تردد الكثير بالإجابة، ورفض البيع متجهاً نحو شاحنته للهروب، أما البعض الآخر فأجاب بالإثبات من دون إخراج التصريح. مشاهدات "الرياض": * بعد إخبار بائعي السمر بقرار منع احتطاب الحطب المحلي الذي أصدرته وزارة البيئة والمياه والزراعة، فرَّ العديد منهم إلى سياراتهم استعداداً للهروب. * بعد طرح "الرياض" أسئلة حول أماكن الاحتطاب وطرقها، تنكر بعض المواطنين أصحاب الشاحنات باستخدام لهجات شرق آسيوية. * يوجد عدد من الباعة المقيمين من الجنسيات الباكستانية والبنغالية يمتلكون سيارات شحن خاصة تم شراء أغلب السمر منها قبيل انتصاف النهار، وحين سؤال أحدهم عن كفيله أجاب أنه يعمل لديه في مجال الاحتطاب براتب شهري. * لم تكن مهمة فريق "الرياض" سهلة في سوق الحطب؛ حيث تم الاعتداء على الفريق، وتم فتح باب سيارة التي كانت تقلهم ومهاجمة الصحفية لفظياً، إضافة إلى تهديد المصورة بإحضار سلاح رشاش إذا لم تتوقف عن التصوير. لوائح وزارة البيئة والمياه والزراعة لمنع الاحتطاب: 1-على من يرغب استثمار إنتاج الغابات والمراعي الحصول على تصريح اللازم لذلك من الوزارة. 2- على من يتولى نقل أي من إنتاج الغابات والمراعي الحصول على التصريح اللازم من الوزارة وفقا للنماذج المعدة لذلك. 3- يحظر الإضرار بالأشجار والنباتات بأنواعها في أراضي المراعي والغابات والمتنزهات الطبيعية سواء بالقطع أوالحرق أو أي وسائل أخرى تعمل على موت أو ضعف هذه النباتات أو استعمال مواد تعمل على تلوثها أو تلوث بيئتها أو رمي المخلفات الصلبة أو السائلة أو خلافها بها أو قربها. 4- يمنع قطع أي شجرة أو شجيرة أو أعشاب نامية في الغابات العامة أوالمراعي أو المتنزهات الطبيعية أو اقتلاعها أو نقلها أو تجريدها من قشوها أو أورقها أو أي جزء منها أو نقل تربتها أوجرفها أو إقامة المنشآت الثابتة في مناطق الغابات العامة والمراعي والمحميات إلا وفق تنظيمات تضعها الوزارة. 5- يمنع أي نشاط إنساني (رعي، حش نباتات، قطع أشجار، نقل تربة، قطع السياج) داخل المحميات التي تقيمها الوزارة أو أي هيئة أخرى. 6- يعاقب كل من يخالف النظام (مالم يتم الحصول على ترخيص اللازم للاستثمار من قبل الوزارة ) بغرامة مالية قدرها ألفي ريال عن كل طن مع مصادرة ما تم استثماره أو نقله من منتوجات الغابات وتضاعف العقوبة في حال تكرارها وبحد أعلى تصل إلى خمسين ألف ريال. وفي جميع الحالات السابقة تصادر المواد المضبوطة مع إصلاح الأضرار الناتجة عن المخالفة وفقا لما ورد في المادة الخامسة عشرة من النظام. شحنة سمر بدون ترخيص تنتظر زبوناً يشتريها بالكامل المكاسب المادية من الحطب المحلي أعلى من نظيره المستورد (عدسة/ منيرة السلوم) مستودعات الحطب الأقرب إلى العشش وافد يبيع في سوق الحطب وخلفه شحنة من السمر المغشوش حطاب هدد فريق «الرياض»