مع الأسف أن جزءاً من منظومة الأنموذج الحيّ للسايكلوجيا العامة لحياة أمتنا ومجتمعاتنا جعلت من مراثي ابن زائدة والخنساء وابن الرومي امتداداً لأروقة العزاء تباكياً على الماضي بمناسبة أو بدون؛ حتى غدت جيناتنا تراوح انغماساً في خلايا الأمس واليوم والغد بازدراء الخيبة دائماً. نشترك كل ساعة في قتل فرحة أوقاتنا بدءاً من المعطيات الموروثة السابقة إلى حياتنا التي جعلناها ترزح ترنّحاً في زمن متسارع بظروفه المرهقة التي أصابت حياتنا في مقتل؛ لتنقلنا أسفاً إلى غياهب الحياة المادية الزائفة بكل معانيها ووسائلها وإشاعاتها واحتقاناتها.. حتى أثرت نتائجها علينا وعلى صحتنا وقوالب تفكيرنا جموداً واحتقاناً، حتى نفي التفاؤل والمشاعر الحميمية والابتسامة إلى أعراض نفسية وكدر يحيطنا لم نعتد عليه! مجتمعنا، قد تحده القيود هنا وهناك، وهو يسير نحو البحث عن الحياة الكريمة والاستقرار اقتصادياً وعلمياً ومهنياً وصحياً.. لكن تبقى لنا قرارات، منها البعد الاجتماعي منحصراً في الاتصال العاطفي والتعاون الخلاق مع الآخرين، والبعد النفسي بالاعتناء بالصحة النفسية وحصول على قسط وافٍ من الراحة والاسترخاء الإيجابي لتجديد "دم" الحياة؛ كي تمدنا بطاقة تسهّل علينا مراجعة النفس لصنع أهداف جديدة، ووقود متجدد يحملنا نحو الرضا في حياتنا، تطويرنا، وبناء مستقبل أجيالنا للبدء في مرحلة تحمل بين دفتيها الرضا والاستقلالية والفائدة. المنعطف أعلاه هو المتعة الحقيقية في الحياة التي قد نحياها لتحقيق غاية ندركها وتبلغ من أنفسنا مبلغاً، وكما يقول آرثر كريستوفر: "إعادة تعديل مساراتنا أمر شاق، ولكن معظمنا في حاجة إلى القيام بذلك من آن إلى آخر". بقي أن نسعى قدر جهدنا وفي مجالنا ومسؤولياتنا للتغيير نحو الأفضل نحو وطننا بإخلاص يقينيّ، و"بدفع" الضر عنه بمقتضى الروح والعلم والعمل والمستقبل تحريكاً من ثوابت الدين والقيادة والعقل والحكمة، ومحافظة على مكتسبات ترابه، ودعم "حكامه" النبلاء، ومستقبل عقول "أجياله" القادمة ليبقى ساحة خضراء نقياً من الشوائب كما ورثناه برد الوفاء والاستدامة، وليكون أنموذجاً في البناء والتشييد بطريقة هادئة واعية ترى الأمور في نصابها لا تحيد أبداً عن الحق لننعم في ظله الوارف خلوداً، وتلك هي ما تسمو بها الأوطان إلى المعالي. ولأن وطننا ينعم رخاءً ونماءً تحت ظلّ يسوده الاستقرار والاطمئنان، يقوده ملك الحزم والعزم سلمان وعضداه المحمدان بتواشجية حب ولحمة قوية لا تدع للمحتقنين والأعداء والخارجين ثغرةً أو طريقاً؛ يبقى أن نكتب وقفاتنا ومواطنتنا، ونصنع بها أهازيج سعودية مستقبلية خاصة تليق بوطننا وبمكانته معاً.