افتتح الناقد الدكتور سعد البازعي محاضرته الأخيرة في مجلس حمد الجاسر الثقافي، بالحديث عن المكانة المرموقة في الفكر العربي المعاصر للمفكر مالك بن نبي لا سيما من الزاوية التي واجه فيها ذلك الفكر صنوفًا من القيود التي فرضها الاستعمار على تطور الحياة الثقافية العربية بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة.. المحاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر الثقافي السبت بعنوان: "مالك بن نبي: القابلية للاستعمار"، وأدارها الأستاذ خلف الثبيتي. وأوضح المحاضر بأن ابن نبي المولود في قسنطينة بالجزائر 1905م عاش حياة تعد سجلاً متصلاً للهيمنة الاستعمارية الفرنسية التي عاشتها بلاده حتى استقلالها في مطلع ستينيات القرن الماضي، وكان ذلك بالطبع سجلاً فكرياً ونضالاً ثقافياً بعيداً عن المقاومة العسكرية. وتحدث عن إصدارات بن نبي ومقالاته متوقفاً عند كتابين هما: "شروط النهضة" و"مشكلات الحضارة: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة" (1959م)، حيث يختزلان المواقف والرؤى الأساسية للمفكر الجزائري في مواجهته للمستعمر الرقيب. وبين البازعي في ختام محاضرته بأن المصطلح الأشهر لابن نبي هو "القابلية للاستعمار" وهو جزء من مشروع ابن نبي في المقاومة الفكرية والثقافية للاستعمار حيث ينقل الصراع مع المستعمر إلى أفق ثقافي وفكري أكثر رهافة وعمقاً مما كان مطروحًا ضمن المواجهة التقليدية؛ حيث إن القابلية للاستعمار ليست مشكلة العامة من الشعب أو المجتمع، حسب ابن نبي، وإنما هي مشكلة أولئك الذين يتوقع منهم أن يعرفوا من يواجهون وما يواجهون؛ موضحاً أن الرقابة الخفية للمستعمر تجرف الوعي وتجرد الأعمال من الوطنية.