عاشت صحراء الجزيرة العربية قديما العديد من الأحداث قبل استقرارها وكان الرصد والتوثيق التاريخي بعيدا عن هذه الأحداث ويعود ذلك الى طبيعة المنطقة الصحراوية وصعوبة وصول الباحث والمؤرخ اليها بالإضافة الى الجهل الذي ساد في تلك الحقبة. ومع بداية التوثيق بدأ الباحثون في توثيق بعض المعلومات التاريخية والحالة الاجتماعية رغم ضعف المصادر والشواهد مما دفع الباحثين والرحالة الى المقابلات الشخصية مع كبار السن وكان للشعر الشعبي المتداول في تلك الفترة دور مهم في التوثيق حيث أسهم وبشكل كبير في مساعدة المؤرخين والرحالة والجغرافيين في توثيق معلوماتهم والتأكد من صحتها بالإضافة لتحديد المواقع والمعالم والطرق والتي بقيت منذ القدم بمسمياتها الحالية. لذا يلجأ العديد منهم قبل البحث في مثل هذه المواضيع إلى كبار السن والشعراء للاستماع لهم والتحدث معهم عن بعض المسميات والأشعار التي قيلت فيها بالإضافة لإثبات بعض الوقائع التاريخية. كما ذهب بعض الباحثين في مجال التراث الشعبي للتعرف على مسميات القطع التراثية وبعض الكلمات المتداولة قديماً ومعانيها. ومن الأمثلة على تحديد وتسمية المواقع في الشعر الشعبي قول محمد بن بليهد: قفوا ومروا كشب والخال وابقار ومثلثه واجله وكبشان والنير ورغم ان بعض القصائد الشعبية قيلت في فترات متفاوتة إلا أن الشاعر لم يغفل عن ذكر المعالم بمسمياتها الأصلية كونها تشكل مرادفاً وشاهداً على موقع الشاعر وأماكن تواجده وذكرياته وصولات وجولات مجتمعه الذي ينتمي إليه ولم يغفل الشاعر عن ذكر المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعه: عادتنا نخلي سروج المسمين ونروي احدود امصقلات اتحنا وقلايعي من نقوة الخيل عشرين قبا ولافيهن تبار ودنا وحرص الشاعر على ذكر عناصر المكان وكأنها شخوص لمسرحيته الشعرية وهذا دارج في شعر العرب منذ القدم وخصوصا في البكاء على اطلال المكان. والباحث في علم الجغرافيا والأماكن لا يتردد في البحث عن مصادر موثوقة لمسميات المعالم والأماكن وقد وجد في الشعر ضالته وممن أبدعوا في كتبهم في هذا الجانب الشيخ عبدالله بن بليهد والشيخ سعد الجنيدل وغيرهم وقبلهم المستشرقون والرحالة في جزيرة العرب قاموا برصد مسميات المعالم والمواقع التي يمرون بها ومصدر هذه المسميات من سكان البادية والقرى وهي مطابقة بالتأكيد لما ذكر في أشعارهم.