سرور يخالط روحك وأنت ترى تلك العطاءات التي فاح عبقها البهي في أرجاء الوطن، فالعمل التطوعي في وطني بدأ يأخذ أولى خطواته على طريق الفاعلية والأثر الاجتماعي، فالأخبار التي تطالعك عن الفرق الشبابية التطوعية أو اللقاءات والندوات العلمية حوله كلها مؤشرات ودلائل على اتساع دائرة انتشار ثقافة العمل التطوعي. إن العمل التطوعي حتى يكون اثره اكبر وابلغ لابد له من تناغم بين المتطوع والمؤسسة التطوعية، حيث انه لا يستقيم لدينا عملا تطوعيا مؤثرا قابلا للقياس ومالك بشكل فاعل لمقومات الاستمرارية بدون هذا التناغم بين ركنيه الاساسيين. وعليه وجب الاهتمام بترسيخ ثقافة العمل التطوعي لدى الافراد بالتوازي مع الاهتمام بإعداد المؤسسات التطوعية القادرة على تطبيق الفرد للعمل التطوعي بشكل منظم من خلالها. ولتحقيق هذا التناغم وصناعة البيئة الملائمة لتحقيق فاعليته بأقصى حدودها فلابد لنا من إدراك المقومات الرئيسية التي يقوم عليها العمل التطوعي في المجتمعات والمتمثلة في: * بيئة قانونية: * فهم وتفهم للبيئة المحيطة (اجتماعيا - ثقافيا - اقتصاديا) * شراكات استراتيجية. إن البيئة القانونية المنظمة للعمل التطوعي تعتبر مقوما رئيسا يبنى عليه العمل التطوعي حيث ان غيابه يخلق جوا من العشوائية وتصبح عمليات استقطاب العمل التطوعي لأبعاد فئوية او طائفية اكثر سهولة، ولذلك وجب الاهتمام بتهيئة هذه البيئة والتي من اهم عناصرها: قانون وطني ينظم العمل التطوعي ويضبط علاقات ممارسي الاعمال التطوعي سواء على المستوى الفردي او المؤسسي ويحدد المجالات المتاح فيها ممارسة الاعمال التطوعية . سياسات وقوانين داخل المؤسسات التطوعية تساعد المتطوعين على ممارسة اعمالهم التطوعية بشكل واضح. اما من ناحية فهم وتفهم البيئة المحيطة بالعمل التطوعي فإنه من الضروري تحقيق هذا الفهم - بجميع الجوانب كالتركيبة المجتمعية والفروق بين فئاته فضلا عن فهم التغيرات الديموغرافية التي تطرأ على المجتمع - مما يحقق القابلية لتفهم الاحتياجات ومجالات الاعمال التطوعية بالإضافة الى امتلاك ميزة القدرة على تصميم البرامج التطوعية وفقا لهذه المعطيات الاجتماعية. فأنت بهذا الفهم والتفهم تصبح قادرا مثلا على: * خلق برامج مرنة مراعية للحالة الاقتصادية للمجتمع * فضاء ارحب لاستغلال التقنية بما يتوافق مع احتياجات بعض الفئات * برامج وفرص تطوعية ذات طابع متعدد الثقافات * امكانات تحقيق الادماج لفئات معينة من المجتمع كالمتقاعدين مثلا ومن ماذكر آنفا من امثلة نرى بوضوح اهمية هذا المقوم الرئيس للعمل التطوعي ولا يجب علينا ان نغفل ابدا عن المقوم الرئيس الثالث وهو الشراكات الاستراتيجية بين القطاعات الرئيسة المكونة للمجتمع (القطاع العام - القطاع الخاص - القطاع الأهلي) حيث ان هذه الشراكة تساهم بشكل كبير بنمو وترسيخ العمل التطوعي بصيغته المؤسسية. وفي الختام لابد لنا ان ندرك ان العمل التطوعي في وطننا لابد له من مشوار ليس بالسهل لنقله من حالة الممارسة الفردية الى ان يصبح ثقافة تمارس بشكل مؤسسي يصنع أثرا قابلا لقياس مردوده على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. خصوصا ونحن في ظل رؤية المملكة 2030 والتي تستهدف وجود مليون متطوع سنويا.