حتى كتابة هذه المقالة، فمورد الشبكات الاجتماعية من المحتوى يأتيها من الصحف، هذا في معظم الأحايين، بالإضافة للمبادرات الفردية، التي تفتقد للدقة غالبا، وللاستدامة أيضا، وللموثوقية كذلك.. ويأتي امتدادا لأزمة هذه المواقع، من حيث التفكير المستمر في إيجاد آليات لخلق المحتوى، حتى تتحول تدريجيا كمصدر للمعلومة، وليس لنشرها وحسب. سيناريو التحول الذي تفكر به الشبكات، كما أعتقد أو كما يجب، سيغير كثيرا في المشهد الصحفي، وتصبح الشركات التقنية تملك المنصة والمحتوى. ما يوجب - كما أقترح - المبادرة من قبل المؤسسات الإعلامية العريقة للتحالف مع هذه الشبكات، حيث سيشبع نهم هذه الشركات في إيجاد مورد معلوماتي، ويضمن استمرارية المنتج الصحفي التقليدي، حتى مع المؤسسات الإعلامية المحلية، الأقدر على تزويد المعلومة الدقيقة والسريعة. أكتب على بعد أيام من طرح «فيس بوك» عددا من الأدوات الجديدة، لمنع انتشار قصص إخبارية زائفة على شبكة التواصل الاجتماعي، بعدما تعرضت لانتقادات شديدة، لفشلها في وقف فيض من المقالات الإخبارية الكاذبة، خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية. الأخبار القادمة من «رويترز»، تقول إن الشركة ستسهل على المستخدمين الإبلاغ عن المواد الزائفة على صفحاتهم الرئيسية، وستعمل مع مؤسسات مثل «سنوبس» المتخصصة في مراجعة الحقائق و»إيه.بي.سي نيوز» و»أسوشييتد برس» في مسعى للتأكد من مصداقية القصص.. وهي ذات الفكرة التي أتحدث عنها، ولكن مع وجوب إيجاد نظام يمنح الفرصة لكل المؤسسات الإعلامية، لأن الأخبار - وتحديدا الخاصة - قد لا تتوفر لدى كل الوكالات. بالتأكيد، أرى في هذه الخطوة مرحلة تقدمية، لكن في الوقت نفسه يجب ألا نفرط في التفاؤل، أو التطرف باتجاه التغيير، لأن «فيس بوك» سبق وأعلنت عن إطلاق منصتها الإخبارية «سيغنال» Signal، التي قالت إنها ستساعد الصحافيين على جمع الأخبار من خلال «فيس بوك» و»إنستغرام»، لكن انتشارها لا يزل محدودا، أو شبه معدوم! أيضا، قامت الشركة بتوفير خدمة المقالات الفورية أو Instant Articles، التي تتيح للناشرين كتابة ونشر المقالات الفورية على موقع «فيس بوك» مباشرة، وكان الهدف من هذه الخدمة هو حل مشكلة بطء التصفح عبر الهواتف الذكية، وهي الأخرى لا تزل محدودة. ويبقى السؤال: من أين تستقي أخبارك؟! والسلام.