نتذكر جميعاً أو غالبيتنا عندما كانت أسعار البترول وهو المورد الأساسي في المملكة منخفضة جداً في الستينيات وأوائل السبعينيات كيف كانت البيئة والحياة الاجتماعية في المملكة فأغلبية المساكن كانت شعبية تم بناؤها من الطين والخدمات الحكومية سواءً في التعليم أو الصحة أو النقل أو الاتصالات أو حتى الماء والكهرباء محدودة جداً ومع ذلك كان المواطنون متضامنين ومتعاونين مع حكومتهم، ومقدرين للظروف التي تمر بها البلاد آنذاك. وبعد أن بدأت الحركة تدب في الاقتصاد في منتصف السبعينيات خططت الدولة للتنمية بخطط مدروسة من جهة مختصة هي الهيئة المركزية للتخطيط ثم وزارة التخطيط فيما بعد وجعل مدة تنفيذ كل خطة أربع سنوات، حيث صدرت سنة 1970م الخطة الأولى إلى أن وصلت في الوقت الحالي للخطة العاشرة، كما أن الحكومة بعد ذلك بمدة وجيزة عملت على تحسين البيئة، حيث بدأت بإقراض المواطنين قروضاً نقدية لبناء مساكن حديثة لهم، وهو ما حصل حيث أصبحت نسبة كبيرة من المواطنين يملكون منازل حديثة بدلاً من منازل الطين القديمة وهو الأمر الذي رفع الجانب المعنوي والصحي للمواطنين، إضافة للقروض الأخرى في المجالات الاستثمارية الزراعية والمهنية، والذي عزز الوضع الاقتصادي وأكسب بلادنا مرحلة متقدمة في مجال الخدمات والبنية التحتية. وقد استمر هذا الازدهار الاقتصادي سنين عديدة وسيعود بإذن الله بالرغم مما يعانيه الاقتصاد الوطني في الآونة الحالية بسبب التراجع المفاجئ في أسعار البترول، وذلك عندما يبدأ التنفيذ الفعلي للخطة البديلة وهي رؤية (2030). وإن مما يخفف وطأة هذا التراجع الاقتصادي المؤقت بإذن الله، أن تراجع الاقتصاد ليس خاصاً ببلادنا فقط بل إنه شامل لجميع الدول بما فيها الدول المتقدمة فالولايات المتحدة تعاني من تراجع اقتصادها منذ سنة 2008م ولديها عجز في الميزانية كما أن عليها مديونيات، كما أن الصين التي احتلت المركز الثاني من بين الدول المتقدمة اقتصادياً لديها تراجع في الاقتصاد وحسب الخبراء أنه سيؤدي في حالة استمراره إلى تغير ملامح الاقتصاد العالمي، كما أن صندوق النقد الدولي لديه توقعات بتراجع النمو العالمي. إذاً فإن ما تم اتخاذه مؤخراً من إجراءات تتعلق ببعض المزايا المالية للموظفين إنما تهدف للمحافظة على استقرار الاقتصاد الوطني وهي إجراءات مؤقتة، وقد تعهدت الحكومة بأنها ستعيد النظر فيما تم اتخاذه بعد تحسن الأوضاع الاقتصادية وهي على ثقة بأن المواطنين كما هو دأبهم سوف يبدون المزيد من التعاون من أجل تفعيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني. ذلك أن ما يمر به الاقتصاد السعودي هو إن صح التعبير (استراحة محارب) وسوف يعود بإذن الله عز وجل لوضعه الطبيعي وذلك للأسباب التالية: ان الاستثمارات السعودية في أميركا وغيرها تتمتع بحماية سيادية. ان مؤسسة (ستاندرد) المتخصصة في التصنيف الائتماني صنفت الاقتصاد السعودي في شهر أكتوبر 2016م أي قبل أقل من شهر في مرتبة (A-A-C) التي تدل على وضع اقتصادي قوي ومستقبل اقتصادي يتمتع بالاستقرار. إن إحدى الدراسات التي قدمت قبل حوالي شهرين لمنتدى الرياض الاقتصادي أثبتت مقدرة الاقتصاد السعودي على إيجاد فرص وظيفية للمواطنين تتجاوز خمسة ملايين وظيفة. إن ميزانية المملكة لسنة 1438ه/2016م كشفت حسب محللين اقتصاديين عن رؤية حكومة بلادنا الرشيدة حيال استدامة النمو واستكمال مشروعات التنمية ودعم القطاع الخاص الذي تأثر بخفض الإنفاق الحكومي. إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله ورعاه طمأن المواطنين خلال استقباله مؤخراً محافظ مؤسسة النقد بمتانة الوضع الاقتصادي والمالي للمملكة وأن الأمن والاستقرار الذي تتمتع به أحد الأسباب الرئيسة لذلك.