هناك مثل إنجليزي يقول: "الكثير من الأشخاص يدخل إلى حياتك والكثير يخرج منها ولكن وحدهم الصادقون من يبقى إلى الأبد" قد تكون خيبات الأمل التي نُمنى بها أحياناً وأحجار العثرة التي تعترضنا وتوجعنا في أقدامنا وأسنة المكر والخديعة هي من توقظنا من غفلة الروابط الواهنة وتجلي سراب الكذب الخادع وتجعلنا نعيد ترتيب أوراقنا وأولوياتنا ومحاسبة أنفسنا مع بعض الصداقات الزائفة التي لا تحسن في قاموسها سوى معسول الكلام. ففي أول اختبارٍ قدريٍ أراده الله سقط صاحب المقولة المأثورة "ما نزيد السمن إلا عسل" والذي كنا نعتقد بأنه الصديق الذي سيفي بوعده وسيقف عند مقولته المشهورة تلك وسيكون بجانبنا عند الحاجة وعوناً في وقت الشدائد ولن يألو جهداً في زيادة سمننا بعسلهم. ولكن.. جزى الله الشدائد كل خيرٍ أبانت لي عدوي من صديقي لا تراهن أبداً على الصداقات التي لم تختبرها في منعطفات حياتك ونقاطها المفصلية فقد تصاب بخيبة أملٍ كبيرةٍ تجعلك تضع أكاليل الوفاء المتبقية لديك على ضريح الصداقة التي وأدت بيدٍ تعفرت باللؤم والخديعة. وفي واقع الحال فإن النفس البشرية تميل إلى تبادل المصالح فيما بينها وتَشارك الأدوار على خشبة مسرح الحياة الكبير ولكن نسف الصداقات من أجل بقاء المصالح وبناء الأحلام على قبور الآخرين سيعجل بمأتمها ولو بعد حين. ولأنه يصح إسقاط هذه الفكرة على جميع العلاقات الإنسانية بين الأفراد والمجتمعات والشعوب فإنه حريٌ بنا إبقاء معادلة التعامل مع بعض شرائح البشر موزونة الأطراف حتى لا نسقط في أرضٍ خريفيةٍ جراء حملٍ خفيفٍ على الطرف الآخر فتتكسر الأحلام التي نقشنا أحرفها على جبين الربيع الصادق. يقول وليام شكسبير: من يحتاجك بشكلٍ مؤقتٍ تجاهله بشكلٍ دائم. وحيث إنه لا يمكن أن تسدل الستارة حتى نقول الجملة الأخيرة "فإن نقاء سمننا وإن كان مراً خيرٌ من حلاوة عسلكم الكدِر"