المكاسب التي تشهدها السوق حالياً تعززت بعد نفي صندوق الاستثمارات العامة لمزاعم تقرير بلومبيرغ بأنه يدرس عدة خيارات لتنويع محفظته وأن لديه خطة لتقليص حصته في أسهم الشركات السعودية التي يمتلكها، ويبني عليه ارتفاع ثقة المستثمرين في السوق المالية، بعد تأكيداته: "أن استثماراته في الشركات المحلية هي أكثر من مجرد استثمار تجاري فحسب، فهي دعم للاقتصاد الوطني أيضا، إيمانا بقوة الشركات المحلية ومتانة الاقتصاد الوطني". ما فعله صندوق الاستثمارات هو دور فاق دور صانع السوق، فقد كان صانعاً في إعادة الثقة بالسوق وصانعاً لعودة الاستقرار للسوق، هذا ما نريده وإن تحقق وخصص بعضاً من أموله لدعم الثقة بالسوق، فلا خوف مستقبلاً على السوق المالية من أي انهيارات. إن غياب العوامل المحفزة وضغط العوامل الاقتصادية السلبية كان له دور في عدم وقف التدهور السعري ونزيف القيمة السوقية ووقف حالات الهلع والخوف فيما مضى، ويضاف إلى ذلك غياب صانع السوق الذي يستطيع -فقط- أن ينتشل السوق من أي أزمة انخفاض تعصف به وتتراكم فيه عروض البيع التي لا تجد مشترين، وهو المشهد الذي تكرر عدة مرات لأسهم الشركات ومنها الكبيرة. بغياب صانع السوق حدث الانهيار المستتر والخفي الذي تسلل إلى السوق في الفترة الماضية تأثراً بمخاوف العوامل العالمية وما مر به الاقتصاد العالمي من ركود، والعوامل المحلية وما تعرضت له أسعار النفط من تراجع وما تبعه من وسائل لمعالجة خفض العجز في الميزانية وعدم الاعتماد على النفط كإيراد رئيسي. ما فقدته السوق المالية بفعل المخاوف المبالغ فيها اقترب من 624 مليار ريال من قيمتها السوقية للفترة من نهاية أكتوبر 2014م وحتى نهاية أكتوبر 2016م: حيث تدنت فيه أسعار عدد غير قليل من الشركات إلى ما دون قيمتها الأسمية ودون القيمة الدفترية وانخفض فيه مكرر العائد للسعر إلى مستويات مثيرة للاستغراب. مستقبلاً، هل نرى دوراً لصندوق الاستثمارات العامة واضحاً ومؤثراً في القيام بصناعة الاستقرار للسوق؟ ومشابهاً لصانع السوق في أوقات الأزمات التي تحتاج السوق المالية إلى تدخل، رأينا في أيام ماضية بالتوضيح والتأكيد أن استثماراته في الشركات المحلية ليست مجرد استثمار تجاري بل هي دعم للاقتصاد الوطني؛ فكيف إذا دخل مشترياً في السوق المالية عند أي أزمة انخفاض حاد تمر بها؟