لم يكن القرار الملكي الذي صدر بتنظيم ضريبة الدخل على الوعاء الضريبي للمكلف الذي يعمل في إنتاج النفط والمواد الهيدروكربونية (النفط والغاز) في المملكة وليد الصدفة، فقد كان يهيأ له منذ شهور، وأول من أشار إليه سعادة الرئيس التنفيذي لشركة (أرامكو) المهندس أمين الناصر في مؤتمر دافوس بداية العام، حيث لمح آنذاك عبر لقاء مع تلفزيون بلومبيرغ بأنه سيتم النظر في تخفيض قيمة الضريبة على الدخل بينما الرسوم الحكومية (Royalty fees) التي تستقطع من الأرباح لم يتم الإشارة إليها وهو ما حصل بالفعل، فقد صدر القرار بتخفيض الضريبة من 85 % إلى 50% للشركات المستثمرة بأعلى من (100) مليار دولار أمريكي وهو ما يعني أرامكو بالتقريب وأي شركة ستدخل للعمل بما يعادل هذا الاستثمار في شركات النفط والمواد الهيدروكربونية ويوجد 3 شرائح أخرى تم الإشارة لها في القرار حسب حجم الاستثمار تتراوح ما بين 85-65 % ! هذا القرار لقي صدى عالميا منقطع النظير ما بين معارض ومتفق مع صحة القرار. فالمؤيدون يرون أنه عامل مهم لتعزيز خطوة بيع حصة 5 % من أرامكو، حيث قدر المحللون الماليون قبل صدور القرار أن قيمة الشركة السوقية لن تتجاوز تريليون دولار فيما توقع الأغلب بأن القرار سيضاعف ربحية الشركة 300 % وهو ما يعني ارتفاع القيمة إلى ما يعادل تريليوني دولار، وهي القيمة التي يبحث عنها صناع القرار في السعودية لدعم الصندوق السيادي السعودي لتنويع الاستثمارات غير النفطية للأجيال بما يطابق رؤية (2030) وبالتالي نجاح الطرح الأولي للشركة في السوق المحلي والدولي كأكبر طرح عالمي، ويجعل من قيمة الشركة الأعلى تاريخيا. فيما المتشائمون يرون أن القرار هدر لكنز ثري وإرث يدر على المملكة المليارات ويخدمها لعشرات السنوات فيما لو استقرت الأسعار وفق السعر الحالي (50) دولارا أو أعلى تقريبا، دون تدخل جهات خارجية يخشى من وجودها التأثير في قرارات سيادية اقتصاديا وسياسيا تمس مستقبل السعودية سلبياً، ولكن من يضمن لك الاستقرار السعري والاقتصادي للنفط؟ وهل الأحداث المحلية إقليميا أو دوليا عوامل مساعدة لصواب النظرة، وهل نظل محاصرين بالاقتصاد الريعي الأعرج؟ خاصة أن القرار تم تخفيف حدة تخوف الفئة الأخيرة عبر ما صرح به معالي وزير المالية « بأنه لا تأثير سلبياً على قدرة الدولة في تقديم خدماتها العامة للمواطنين وأن أي انخفاض في إيرادات الضرائب المفروضة على الشركات المنتجة للنفط والمواد الهيدروكربونية العاملة في المملكة سيتم تعويضه بتوزيع أرباح مستقرة من قبل تلك الشركات التي تملكها الدولة، وتدفقات مالية أخرى تُدفع للحكومة بما في ذلك التدفقات الناتجة عن أرباح الاستثمارات «وأيضا تصريح معالي وزير الطاقة» بأن الأمر الملكي يضع المملكة في مرتبة متوافقة مع المعدلات الدولية (benchmarks) وأن المملكة ستظل صاحبة السيادة على مواردها الهيدروكربونية».