تمكنت الهيئة العامة للترفيه من تسجيل حضور واضح في الفترة الأخيرة بجملة من الفعاليات الفنية التي استهدفت الشباب في مدينتي الرياضوجدة، وقد لاحظ الجمهور اختلافاً كبيراً في طبيعة الفعاليات ونوعية النجوم المشاركين فيها، فبعد أن كان الترفيه مقصوراً على مسرحيات ضعيفة تعرض بين فترة وأخرى، أصبح الآن يشمل فعاليات فنية متنوعة منها عروض الستاند أب كوميدي ومسرح المواهب والفنون البصرية، وهي مجالات كانت إلى وقت قريب غير معترف فيها أو غير مرغوب بها، لكنها تحولت إلى واقع ملموس بفضل وجود الهيئة ورغبتها في إحداث تغيير فعلي في صناعة الترفيه في المملكة بما يتوافق مع أهداف رؤية 2030. ومع الإقرار بالدور الكبير الذي بذلته الهيئة حتى الآن، وبالوعود الكبيرة التي تبشر بها مستقبلاً، إلا أن هناك نوعا من الغموض يحيط بفعالياتها أو بعلاقتها بالفعاليات التي تقام هذه الأيام، حيث لا يتم الإعلان عنها عبر الأقنية المعروفة عند الجمهور السعودي مثل الصحف أو القنوات التلفزيونية أو إعلانات الطرق، بل عبر حسابات إلكترونية لشركات خاصة، كما أن بعض الفعاليات لا تعد أولوية بالنسبة للجمهور السعودي ولا تعبر عن اهتمامه مقارنة بفعاليات أخرى يفترض أن تكون لها الأولوية مثل الحفلات الغنائية. الملاحظة الأهم في هذه الفعاليات المنسوبة لهيئة الترفيه أنها تقام في أماكن قصية وبأسعار مبالغ فيها، ومن خلال رصد لردود فعل الجمهور في مواقع التواصل على خبر أمسية الكوميديان الأميركي مايك إبس في جامعة الأميرة نورة أبدى الكثيرون اعتراضاً على أسعار التذاكر التي تترواح بين 350 ريالا و1400 ريال والتي لا تتناسب إطلاقاً مع ظروف شريحة كبيرة من الشباب المستهدفين أساساً من هذه الفعاليات. ما يدفع للتساؤل عن الهدف من هذه الفعاليات ومن هي الشريحة المستهدفة؟. خاصة إذا علمنا أن عرض مايك إبس كان مقرر أن يقام أساساً في حلبة الريم الواقعة غرب مدينة الرياض بحسب ما هو مسجل في الموقع الرسمي للفنان الأميركي، لكنه تحول إلى مركز المؤتمرات في جامعة الأميرة نورة دون اعتبار للفرق بين الجمهور الذي يرتاد الموقعين. حتى يكون للفعاليات الترفيهية قيمة اجتماعية فلابد أن تكون ملائمة للسواد الأعظم من الناس، بأسعار ملائمة، وهذا لن يتحقق بالفعاليات المؤقتة التي تقام على عجل وبشكل خاطف. وبدلاً من إقامة فعالية ستاند أب كوميدية ليلة واحدة وبسعر عال، لم لا تستمر طيلة أيام السنة في مواقع ثابتة وبأسعار معقولة مثلما هو معمول به في أغلب مدن العالم؟. إن الترفيه ليس مجرد فعالية طارئة بل نشاط مستمر يتفاعل معه المجتمع ويتحول بمرور الوقت إلى سلوك يومي اعتيادي.